منتديات قرية الطريبيل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات قرية الطريبيل

إسلامي - علمي - تربوي - ثقافي- مناسبات - منوعات
 
الرئيسيةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حادثة الحكمين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الإدارة
عضو ذهبي ممتاز
عضو ذهبي ممتاز
الإدارة


الجنس : ذكر
عدد الرسائل : 6362
تاريخ التسجيل : 08/05/2008

حادثة الحكمين Empty
مُساهمةموضوع: حادثة الحكمين   حادثة الحكمين Emptyالجمعة ديسمبر 02, 2011 9:44 am


حادثة الحكمين

إن الّذي دعا إليه طلب أهل الشام له، واعتصامهم به من سيوف أهل العراق، فقد كانت إمارات القهر والغلبة لاحت، ودلائل النصر والظفر وضحت، فعدل أهل الشام عن القراع إلى الخداع، وكان ذلك برأي عمرو بن العاص. وهذه الحال وقعت عقيب ليلة الهرير، وهي الليلة العظيمة الّتي يضرب بها المثل.
قال حدّثني عمّار بن ربيعة: غلس عليّ(عليه السلام) بالناس صلاة الغداة يوم الثلاثاء، عاشر شهر ربيع الأول، سنة سبع وثلاثين، ثمّ زحف إلى أهل الشام بعكسر العراق، والناس على راياتهم وأعلامهم، وزحف إليهم أهل الشام، وقد كانت الحرب أكلت الفريقين، ولكنها في أهل الشام أشد نكاية، وأعظم وقعاً، فقد ملوا الحرب، وكرهوا القتال، وتضعضعت أركانهم.
فلما بلغ القوم إلى ما بلغوا إليه، قام عليّ(عليه السلام) خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس، قد بلغ بكم الأمر وبعدوكم ما قد رأيتم، ولم يبق منهم إلاّ آخر نفس، وإنّ الاُمور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأولها، وقد صبر لكم القوم على غير دين حتى بلغنا منهم ما بلغنا، وأنا غاد عليهم بالغداة أحاكمهم إلى الله.
فبلغ ذلك معاوية، فدعا عمرو بن العاص، وقال: يا عمرو، إنّما هي الليلة، حتى يغدو عليّ علينا بالفيصل، فما ترى؟ قال: إن رجالك لا يقومون لرجاله، ولست مثله، هو يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره، أنت تريد البقاء، وهو يريد الفناء، وأهل العراق يخافون منك إن ظفرت بهم، وأهل الشام لا يخافون علياً إن ظفر بهم، ولكن ألق إلى القوم أمراً إن قبلوه اختلفوا، وإن ردوه اختلفوا، ادعهم إلى كتاب الله حكماً فيما بينك وبينهم، فإنك بالغ به حاجتك في القوم، وإني لم أزل أؤخر هذا الأمر لوقت حاجتك إليه.
فعرف معاوية ذلك وقال له: صدقت.
فلما أصبحوا من ليلة الهرير، نظرنا فإذا أشباه الرايات، أمام أهل الشام في وسط الفيلق، فلما أسفرنا إذا هي المصاحف قد ربطت في أطراف الرماح، وهي عظام مصاحف العسكر، وقد شدوا ثلاثة أرماح جميعاً، وربطوا عليها مصحف المسجد الأعظم، يمسكه عشرة رهط.
ثمّ نادوا: يا معشر العرب، الله الله في دينكم، هذا كتاب الله بيننا وبينكم.
فقال عليّ(عليه السلام): اللّهمّ إنّك تعلم أ نّهما ما الكتاب يريدون، فاحكم بيننا وبينهم إنك أنت الحكم الحقّ المبين.
فاختلف أصحاب عليّ(عليه السلام) في الرأي، فطائفة قالت القتال، وطائفة قالت المحاكمة إلى الكتاب، ولا يحل لنا الحرب، وقد دعينا إلى حكم الكتاب، فعند ذلك بطلت الحرب ووضعت أوزارها.
قال نصر: وقد كان الأشعث بن قيس بدر منه قول ليلة الهرير، نقله الناقلون إلى معاوية، فاغتنمه وبنى عليه تدبيره، وذلك أن الأشعث خطب أصحابه من كنده تلك الليلة، فقال: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به وأتوكل عليه، واستنصره وأستغفره، وأستجيره وأستهديه، وأستشيره وأستشهد به، فإنّ من هداه الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ قال: قد رأيتم معاشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي، وما قد فني فيه من العرب، فو الله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ، فما رأيت مثل هذا اليوم قط. ألا فليبلغ الشاهد الغائب، إنا نحن إن توافقنا غداً، إنه لفناء العرب وضيعة الحرمات! أما والله ما أقول هذه المقالة جزعاً من الحرب، ولكني رجل مسن أخاف على النساء والذراري غداً إن فنينا.
قال الشعبي: فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث فقال: أصاب وربّ الكعبة! لئن نحن التقينا غداً لتميلن الروم على ذراري أهل الشام ونسائهم، ولتميلن فارس على ذراري أهل العراق ونسائهم! إنّما يبصر هذا ذوو الأحلام والنهى، ثمّ قال لأصحابه: اربطوا المصاحف على أطراف القنا.
فثار أهل الشام في سواد الليل ينادون عن قول معاوية وأمره: يا أهل العراق، من لذرارينا إن قتلتمونا! ومن لذراريكم إذا قتلناكم! الله الله في البقية! وأقبل أبو الأعور السلمي على برذون أبيض، وقد وضع المصحف على رأسه، ينادي: يا أهل العراق، كتاب الله بيننا وبينكم، فجاء عدي بن حاتم الطائي، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّه لم يصب منا عصبة إلاّ وقد أصيب منهم مثلها، وكل مقروح، ولكنا أمثل بقية منهم، وقد جزع القوم، وليس بعد الجزع إلاّ ما نحب، فناجزهم وقام الأشتر، فقال: يا أميرالمؤمنين، إن معاوية لا خلف له من رجاله، ولكن بحمد الله لك الخلف، ولو كان له مثل رجالك لم يكن له مثل صبرك ولا نصرك، فاقرع الحديد بالحديد، واستعن بالله الحميد.
ثمّ قام عمرو بن الحمق، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنا والله ما أجبناك ولا نصرناك على الباطل، ولا أجبنا إلاّ الله، ولا طلبنا إلاّ الحقّ، ولو دعانا غيرك إلى ما دعوتنا إليه لاستشرى فيه اللجاج وطالت فيه النجوى، وقد بلغ الحقّ مقطعه، وليس لنا معك رأي.
فقام الأشعث بن قيس مغضباً، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنا لك اليوم على ما كنا عليه أمس، وليس آخر أمرنا كأوله، وما من القوم أحد أحنى على أهل العراق ولا أوتر لأهل الشام مني! فأجب القوم إلى كتاب الله عزّوجلّ فإنك أحق به منهم، وقد أحب الناس البقاء وكرهوا القتال.
فقال عليّ(عليه السلام): هذا أمر ينظر فيه. فتنادى الناس من كلّ جانب الموادعة.
فقال عليّ(عليه السلام): أيها الناس، إنّي أحق من أجاب إلى كتاب الله، ولكن معاوية، وعمرو بن العاص، وابن أبي معيط، وابن أبي سرح، وابن مسلمة ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إني أعرف بهم منكم، صحبتهم صغاراً ورجالا، فكانوا شر صغار، وشر رجال، ويحكم إنها كلمة حق يراد بها باطل! إنّهم ما رفعوها أ نّهم يعرفونها ويعملون بها، ولكنها الخديعة والوهن والمكيدة! أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة، فقد بلغ الحقّ مقطعه، ولم يبق إلاّ أن يقطع دابر الذين ظلموا.
فجاءه من أصحابه زهاء عشرين ألفاً مقنعين في الحديد، شاكي السلاح سيوفهم على عواتقهم، وقد اسودت جباههم من السجود، يتقدمهم مسعر بن فدكي، وزيد بن حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد، فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين: ياعليّ، أجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت إليه، وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفان، فو الله لنفعلنها إن لم تجبهم!
فقال لهم: ويحكم! أنا أول من دعا إلى كتاب الله، وأول من أجاب إليه، وليس يحل لي، ولا يسعني في ديني أن أدعى إلى كتاب الله فلا أقبله، إني إنّما قاتلتهم ليدينوا بحكم القرآن، فإنّهم قد عصوا الله فيما أمرهم، ونقضوا عهده، ونبذوا كتابه، ولكني قد أعلمتكم أ نّهم قد كادوكم، وأ نّهم ليس العمل بالقرآن يريدون.
فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم، فصاح: يا أهل الذل والوهن، أحين علوتم القوم، وظنوا أنكم لهم قاهرون، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها! وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها، وتركوا سنّة من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم! أمهلوني فواقاً فإني قد أحسست بالفتح. قالوا: لا نمهلك، قال: فأمهلوني عدوة الفرس، فإني قد طمعت في النصر، قالوا: إذن ندخل معك في خطيئتك.
وكتب معاوية إلى عليّ(عليه السلام): أمّا بعد، فإنّ هذا الأمر قد طال بيننا وبينك، وكل واحد منا يرى أ نّه على الحقّ فيما يطلب من صاحبه، ولن يعطي واحد منا الطاعة للآخر، وقد قتل فيما بيننا بشر كثير، وأنا أتخوف أن يكون ما بقي أشد مما مضى، وإنا سوف نسأل عن هذه المواطن، ولا يحاسب به غيري وغيرك، وقد دعوتك إلى أمر لنا ولك فيه حياة وعذر، وبراءة وصلاح للاُمة، وحقن للدماء، وألفه للدين، وذهاب للضغائن والفتن، أن نحكم بيني وبينكم حكمين مرضيين، أحدهما من أصحابي، والآخر من أصحابك، فيحكمان بيننا بما أنزل الله، فهو خير لي ولك، وأقطع لهذه الفتن.
فكتب إليه عليّ(عليه السلام): من عبدالله عليّ أميرالمؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، أمّا بعد، فإنّ أفضل ما شغل به المرء نفسه اتباع ما حسن به فعله، واستوجب فضله، وسلم من عيبه، وإن البغي والزور يزريان بالمرء في دينه ودنياه، فاحذر الدنيا، فإنّه لا فرح في شيء وصلت إليه منها، ولقد علمت أ نّك غير مدرك ما قضي فواته، وقد رام قوم أمراً بغير الحقّ، وتأولوه على الله عزّوجلّ، فأكذبهم ومتعهم قليلا، ثمّ أضطرهم إلى عذاب غليظ.
ثمّ انّ عليّاً(عليه السلام) بعث قراء من أهل العراق، وبعث معاوية قراء من أهل الشام، فاجتمعوا بين الصفين، ومعهم المصحف، فنظروا فيه وتدارسوا واجتمعوا على أن يحيوا ما أحيا القرآن، ويميتوا ما أمات القرآن، ورجع كل فريق إلى صاحبه، فقال أهل الشام: إنا قد رضينا واخترنا عمرو بن العاص، وقال الأشعث والقراء الذين صاروا خوارج فيما بعد: قد رضينا نحن واخترنا أبو موسى الأشعري. فقال لهم عليّ(عليه السلام): فإنّي لا أرضى بأبي موسى ولا أرى أن أوليه، فقال الأشعث وزيد بن حصين ومسعر بن فدكي في عصابة من القراء: إنا لا نرضى إلاّ به، فإنه قد كان حذرنا ما وقعنا فيه. فقال عليّ(عليه السلام): فإنه ليس لي برضا، وقد فارقني وخذّل الناس عني، وهرب مني حتى أمنته بعد أشهر، ولكن هذا ابن عباس أوليه ذلك. قالوا: والله ما نبالي، أكنت أنت أو ابن عباس! ولا نريد إلاّ رجلا هو منك ومن معاوية سواء، ليس إلى واحد منكما بأدنى من الآخر!
فقال عليّ(عليه السلام): قد أبيتم إلاّ أبا موسى! قالوا: نعم، قال: فاصنعوا ما شئتم.
فلما رضي أهل الشام بعمرو، وأهل العراق بأبي موسى، أخذوا في سطر كتاب الموادعة، وكانت صورته: هذا ما تقاضى عليه عليّ أميرالمؤمنين ومعاوية بن أبي سفيان.
فقال معاوية: بئس الرجل أنا إن أقررت أ نّه أميرالمؤمنين ثمّ قاتلته! وقال عمرو: بل نكتب اسمه واسم أبيه، إنما هو أميركم، فأمّا أميرنا فلا، فلما أُعيد إليه الكتاب أمر بمحوه.
وكان من نتيجة التخاذل هذا أن خلع أبا موسى الأشعري الإمام عليّ(عليه السلام) ومعاوية، فيما خلع عمرو بن العاص الإمام عليّ(عليه السلام) وأثبت معاوية(14).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turaibel.mam9.com
 
حادثة الحكمين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قرية الطريبيل :: الاقسام العامة :: منتدى القصص والحكايات-
انتقل الى: