منتديات قرية الطريبيل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات قرية الطريبيل

إسلامي - علمي - تربوي - ثقافي- مناسبات - منوعات
 
الرئيسيةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاتجاه الإنساني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الإدارة
عضو ذهبي ممتاز
عضو ذهبي ممتاز
الإدارة


الجنس : ذكر
عدد الرسائل : 6362
تاريخ التسجيل : 08/05/2008

الاتجاه الإنساني Empty
مُساهمةموضوع: الاتجاه الإنساني   الاتجاه الإنساني Emptyالجمعة أغسطس 17, 2012 11:49 am

الاتجاه الإنساني


1ــ على أيّ أساس يقوم الاتجاه الإنساني في تفسيره لتكامل التاريخ؟
2ــ ما هو دور الغرائز والعوامل الماديّة في الصراعات التاريخيّة؟
3ــ كيف يردّ الاتجاه الإنسانيّ مزاعمَ الاتجاه الديالكتيكيّ؟
4ــ كيف يكسب النضال مشروعيّته وقدسيّته؟
5ــ هل للإصلاحات دور في تكامل المجتمع؟


الاتجاه الإنساني أو الفطريّ في تفسير تكامل التاريخ:
يقع هذا الاتجاه في الطرف المقابل تماماً للاتجاه الديالكتيكيّ الآلي، ويعطي فهماً جديداً وتفسيراً آخر لعملية بناء المجتمع وتكامل التاريخ.
يمنح هذا الاتجاه الأصالة للإنسان وقِيَمه، سواء على مستوى الفرد أم على مستوى المجتمع، في مقابل أن تكون الأصالة للعامل الاقتصاديّ كما كان قد تبنّى الاتجاه الديالكتيكيّ.
يقوم أصحاب هذا الاتجاه أولاً بمحاولة فهم الإنسان بشكل عميق، فهذا الإنسان تكمن فيه مجموعتان من الغرائز:
1 ــ مجموعة غرائز ماديّة، وهي الغرائز التي يشترك فيها مع الحيوان.
2 ــ ومجموعة غرائز سامية، كغريزة الدين والأخلاق وحبّ الاستطلاع، وهي التي تميّزه عن الحيوان.

تكامل الإنسان:
يدور الصراع1 داخل كلّ فرد بين غرائزه الماديّة ذات الهدف الفرديّ المحدود، وبين غرائزه السامية السماوية، التي تتجاوز المصالح الشخصيّة وتهدف إلى



تحقيق القيم الأخلاقية والعلمية والعقلية، وهذا هو التكامل الذي يندفع إليه الإنسان فطرياًّ؛ فهو سعي إلى التحرّر من أَسْر قوى الطبيعة والاتجاه إلى السيطرة عليها، ليزداد استثماره للطبيعة من جهة، وليوثّق ارتباطه بالعقيدة والإيمان من جهة أخرى.
ويبلغ الإنسان ذروة الكمال عندما يصل إلى الحريّة المعنويّة التامّة، المتمثّلة بالارتباط التام بالعقيدة والإيمان، بعد السيطرة على العوامل البيئية الطبيعية والتحرّر من الأغلال الحيوانيّة.
وبالنتيجة فإنّ الإنسان يمتلك قدرة التحكّم بنفسه، وليس الإنسان مجرّد كائن مدفوع بغرائزه الماديّة وفرد غارق في مصالحه الذاتية والآنيّة.
إذاً، ليس تطور آلات الانتاج هو السبب الحقيقيّ والعلة للتكامل، بل هو بدوره ناتج ومعـلول لاندفـاع الإنسان الفطريّ نحو الكمال، فلا ينبغي اتخاذ المعلول مكان العلّة.

تكوّن المجتمع:
أمّا المجتمع فإنّه يتكوّن من أجزاء ترتبط في تركيب حقيقيّ، ويتألّف هذا التركيب من:
خصال الأفراد، الدانية منها والسامية، من جهة، بالإضافة إلى خصالٍ للمجتمع نفسه، تشكّل امتداداً لخصال كانت موجودة سابقاً، من جهة أخرى. لا تتأثر خصال المجتمع بفناء الأفراد، نعم يمنحها تكامل الإنسان نظاماً أفضل.

تكامل المجتمع بحسب التفسير الإنسانيّ:
تُعدُّ مسيرة التاريخ انطلاقاً من هذه النظرة متحوّلة متكاملة كالطبيعة ذاتها، والحركة باتجاه الكمال ضرورة لا تنفصل عن ذات أجزاء الطبيعة بما فيها التاريخ؛ حيث ينسحب الصراع الذي يقوم داخل كل فرد من الإنسان إلى صراع بين المجموعات البشريّة، فينشب صراع بين الإنسان المتكامل المتحرّر روحيّاً، أي الأفراد الملتزمين الذين تخلّصوا من قيود الطبيعة، وبين الإنسان المنحط الغارق في الأغلال الشهوانية الحيوانية . وهذا الصراع الاجتماعيّ هو الذي يؤثّر في تكامل المجتمع والتاريخ وتطوّره، ويتّجه نحو تحرير الإنسان من القيود البيئية والاجتماعية.

بين الاتجاه الإنساني والاتجاه الديالكتيكي:
وبناءً عليه فإنّ تكامل التاريخ يعمّ جميع الشؤون المعنويّة والثقافيّة للإنسان، ولا يقتصر على الجانب الآليّ الإنتاجيّ. فليس الصراع الاجتماعيّ مجرّد صراع طبقيّ بين الفئة المرتبطة بوسائل الإنتاج والنظم الاقتصادية القديمة، والتي تسعى إلى حفظ النظام القائم الذي تستفيد منه، وبين الفئة المحرومة التي ترتبط بوسائل إنتاج أكثر تطوّرا، بحيث تنهض بالثورات من أجل تأمين احتياجاتها الماديّة، وتعمد إلى سنّ أنظمة وقوانين جديدة!
ويقدِّم الاتجاه الإنساني أمثلة وأدلّة من تاريخ الثورات تؤكّد صحة نظريته، في مقابل ما ذهب إليه الاتجاه الديالكتيكي الآلي:
ــ فالثورات، لو راجعنا التاريخ، لم تقتصر على الطبقات المحرومة بل نهض


بها رجال نشأوا في طبقات مرفّهة وذات شأن، كنهضات إبراهيم وموسى ومحمّد والحسين و....
ــ وكذلك لم تكن أهداف الثورات ماديّة دائماً، بل نهض رجال في سبيل الله لا يريدون جزاء ولا شكورا، وخاصّة في صدر الإسلام.
ــ لم تترافق الثورات دائماً مع تطوّر وسائل الإنتاج، كما في النهضة الدستوريّة في إيران وفي نهضات الشرق والغرب التي قامت مقارعةً للاستبداد والطغيان خلال القرون الأخيرة.
ــ والحركات الاجتماعية كما كانت وليدة نقص القوانين الموجودة أحياناً، فقد ولدتها عدم تنفيذ القوانين النظرية أحياناً أخرى، كحركات الشعوبيّة وثورات العلويّين.

نتائج الاتجاه الإنسانيّ الفطريّ في تفسير التاريخ:
1ـ حقيقة الحروب:
انطلقت الحروب في التاريخ من أسباب متباينة واتخذت أشكالاً مختلفة، إلا أنّ الحروب التي أخذت بيد المجتمع والإنسانية في سلّم الترقّي هي تلك التي دارت رحاها بين الإنسان الملتزم عقائديّاً المتسامي روحيّاً، وبين العابث المنحطّ المقيّد بالشهوات، فسارت هذه الحروب بالإنسان والمجتمع تدريجيّاً، وبعد اتخاذها صفة إيديولوجية لا طبقيّة آليّة، نحو التكامل.
فالحروب التكاملية ليست بذات صفة طبقية بل تتخذ صفة إيديولوجيّة تسير بالإنسان والمجتمع في سبيل الرقيّ والتكامل في جميع جوانبه، وستكون



نهايتها إقامة حكومة العدل وحكومة سيادة القيم الإنسانية، أو "حكومة المهدي" بالتعبير الإسلاميّ.
2ـ حلقات التاريخ:
ليس لوقائع التاريخ تسلسل منطقي مُلزِم وحلقات مفروضة جبريّة، بل هي وقائع عامّة.
ويشهد لذلك ما حدث في القرن الماضي، حيث اتّجهت بلدان إلى الاشتراكيّة دون أن تطوي مرحلة الرأسماليّة، كما حدث في الاتحاد السوفياتي السابق، والصين، ودول أوروبا الشرقيّة.
ولذلك ليس الوصول إلى الذروة يؤدي تلقائيّاً للانتقال إلى مرحلة لاحقة.
فقد حدث أن وصلت مرحلةٌ إلى ذورتها دون أن يؤدّي ذلك إلى حدوث تغيير وانتقال إلى مرحلة جديدة، كالرأسماليّة في الولايات المتّحدة وبريطانيا.
كما أنّ الثورة ليست شرطاً ليحصل الانتقال إلى المراحل اللاحقة، بل يمكن الانتقال من مرحلة إلى أخرى من غير ثورة، كأن ينتقل مجتمع ما من البداوة إلى أسمى مراحل الحضارة، بسبب انبثاق إيديولوجيّة معيّنة فيه وانتشار إيمان دينيّ، كما حدث بظهور الإسلام في الجزيرة العربيّة.
3ـ قدسيّة النضال:
يكتسب النضال قدسيّته ومشروعيّته فيما إذا استهدف الدفاع عن مقدّسات إنسانيّة. وهو يتّسع ليشمل كلّ نضال يتعلّق بحقوق الفرد أو المجتمع، كالدفاع عن التوحيد الذي يُعتبر من أهمّ مقوّمات سعادة البشريّة، وكالنضال للوقوف بوجه

الاعتداء على الحقوق الفرديّة والوطنيّة.
وبالنتيجة فإنّ للجهاد ماهية إنسانية لا طبقيّة.
4ـ الإصلاحات:
تساهم الإصلاحات، حتى لو كانت تدريجيّة أو جانبيّة، في دعم الحقّ في صراعه مع الباطل؛ إذ تكون عاملاً مؤثّراً في ترقّي مسيرة التاريخ لصالح دعاة الحق، فهي تساعد في تكامل المجتمع والتاريخ ولا تقف عائقاً في مسيرته التكاملية.
فالتاريخ لا يطوي مسيرته عبر صراع التناقضات حتى ندين هذه الإصلاحات، ولذا فإنّ هذه الإصلاحات مشروعة بل مطلوبة.
5ـ إثارة الفوضى:
يثبت بما تقدّم ــ من شرعية الإصلاحات الجزئيّة وكونها عاملاً يؤثِّر في ترقّي المجتمع لصالح دعاة الحق ــ عدم شرعيّة إثارة الفوضى والاضطرابات، بخلاف الاتّجاه الآليّ الذي يضفي المشروعيّة على مثل هذه الأعمال لأجل خلق الأزمات.
6ـ تأرجح منحنى التاريخ:
إنّ الإنسان هو الذي يؤثّر في حركة التاريخ، والإنسان موجود مختار ذو إرادة، لذا يتأرجح منحنى تكامل المسيرة البشريّة بين الهبوط والارتفاع، ويتراوح بين السرعة والبطء بل قد يخيّم عليه السكون أحياناً.
ومن ناحية أخرى فإنّ التاريخ، وللسبب عينه ــ أي تأثير الإنسان المختار فيه ــ لا يسير سيراً تكامليّاً جبريّاً، ولذلك قد لا تكون المرحلة اللاحقة أكثر تكاملاً من


سابقتها، وكما يقول (تويمبي): "انحطاط الحضارات أمر لا يمكن رفضه، لكن تاريخ البشرية يطوي بمجموعه مسيرة تكاملية".
7ـ التحرّر من أغلال الطبيعة:
تتّجه المسيرة التكامليّة للإنسان نحو التحرّر من أغلال الطبيعة الماديّة والمصالح الفردية والجماعية لتتخذ طابع الالتزام الفكري، وذلك بالسيطرة على عوامل البيئة والظروف الاقتصاديّة، وبالتحكّم بالغرائز الحيوانيّة، كلّ ذلك نتيجة تكامل ثقافة الإنسان واتّساع آفاقه وازدياد التزامه بالإيديولوجيّات التقدّميّة.
8ـ أصالة القوى الفكريّة والأخلاقيّة:
يتحكّم بالوجود الإنسانيّ الضميرُ البشريُّ بقوّتيه: الفكريّة -أي قوّة الاستدلال والبرهان-، والأخلاقيّة -أي قوة النزوع نحو السمو-.
فهاتان القوّتان أصيلتان في وجود الإنسان وتمكّنانه من التحكّم بمتطلباته الماديّة.
9ـ عدم انطباق المثلّث الهيغليّ:
لا ينطبق مثلّث الديالكتيك، "الأطروحة والطباق والتركيب" على الطبيعة فضلاً عن التاريخ، فليس كلّ ما يحدث في الطبيعة هو من تبدّل الشيء إلى ضدّه، ثم هذا الضدّ إلى ضدّه ليحدث التركيب في مرحلة ثالثة، بل ما يحدث في الطبيعة عدّه احتمالات:
أ ــ أن يحدث تركيب بين الأضداد بلا تبدّل.

ب ــ أن يحدث تبدّل للأضداد من دون تركيب.
ج ــ أن يحصل تكامل خالٍ من تركيب الأضداد ومن تبدّلها، كتركيب الماء من عنصري الأوكسجين والهيدروجين.
نعم! يمكننا أن نطلق مصطلحات المثلث الهيغليّ على عمليّات التغير هذه كلّها، لكنّها تكون في واقعها مفتقدة للعنصر الأساسي الذي تمتاز به الماركسيّة (الصراع بين المتناقضات).

موقع القيم الإنسانيّة في الاتجاه الإنسانيّ الفطريّ:
إنّ من أهمّ ما يتميّز به الاتجاه الفطريّ هو أنّه يعطي للقيم الأصالة في وجود الإنسان، فهو ينشد هذه القيم، ينشد الحقّ والعدالة ويقوم بالتخطيط لبناء مجتمع سامٍ.
وهذا الاتجاه لا ينفي تأثّر الإنسان بالبيئة، إلا أنّه يؤمن أيضاً بأنّ الطبيعة لا تقوى على أن تسيّره مجبراً، بل له القدرة هو الآخر على التأثير فيها.
يتميّز الإنسان إذاً عن سائر الموجودات بوعيه الذي يقدر بواسطته أن يسيطر على نفسه مقابل ظروف البيئة والطبيعة، فيقوّم انحرافاته وينطلق في صنع نقاطٍ مضيئة في تاريخ البشريّة.

جوهر الاختلاف بين الاتجاه الديالكتيكيّ والاتجاه الإنسانيّ:
في الحقيقة يعود جوهر الاختلاف بين الاتجاهين، الآلي والإنساني، إلى


الخلاف في فهم وتفسير الإنسان.
فالاتجاه الديالكتيكيّ الآليّ يعتبر الإنسان مجرّد معلول لمصالحه الماديّة والاقتصادية، فهذه المصالح هي التي تفرض عليه تطوير وسائل الانتاج.
وعليه فإنّ كلّ ما ينطوي عليه الإنسان، من مشاعر ورغبات وأحكام وقدرات، ليس سوى انعكاس لظروف بيئته الطبيعية والاجتماعيّة، فالإنسان مجرّد مرآة تعكس ما يحيط به، وهو في واقعه لا يقدر على أيّ حركةٍ مخالفةٍ للظروف المحيطة.
أمّا الاتجاه الفطريّ فيرى أنّ الإنسان يتمتّع بخصال تدفعه إلى طلب الحق، وهو قادر على التحكّم بنفسه، ويستطيع التحرّر من جبر الطبيعة والظروف المحيطة.
وأما التفسير القرآنيّ للتاريخ، والذي تقدّم ذكره، ينطلق دون شكّ من النظرة الثانية. فقد بينّا أنّ القرآن يؤكّد على تأثير العوامل الأخلاقيّة في مسيرة التاريخ، ويركّز على دور إرادة الإنسان في تعيين مسير حركته، في مقابل أن يكون التكامل قائماً على أساس ماديّ طبقيّ، ويسير بشكل جبريّ لا يتحكّم الإنسان به..


هوامش


1- وهذا الصراع أطلق عليه القدماء اسم النزاع بين العقل والنفس.









من كتاب فلسفة التاريخ ونهضة المهدي
جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turaibel.mam9.com
 
الاتجاه الإنساني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قرية الطريبيل :: الاقـسـام الاسـلامـيـة :: منتدى أهل البيت عليهم السلام :: منتدى الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف-
انتقل الى: