الإدارة عضو ذهبي ممتاز
الجنس : عدد الرسائل : 6362 تاريخ التسجيل : 08/05/2008
| موضوع: منهجية دراسة حياة الأئمة الأربعاء سبتمبر 28, 2011 6:11 am | |
| منهجية دراسة حياة الأئمة الأول: المنهج التحريفي وقد تأثر هذا المنهج في تناول تاريخ أهل البيت عليهم السلام. بصبغة الإنحراف والتشويه المتعمد وهذا ما درج عليه اغلب مؤلفي كتب التاريخ العام.كابن العربي.وابن حزم الأندلسي.وان تيمية.وغيرهم. وهؤلاء كانوا غالبا"على اتصال وثيق بالسلطان.أو أنهم من المؤيدين لوضع سياسي يتعارض مع مضمون أطروحة أهل البيت عليهم السلام لذا نرى أن ابن حزم يعتبر "قاتل الأمام علي عليه السلام مجتهدا ًمتأولا" وقد ضربه بالسيف في الصلاة وبمحراب مسجد الكوفة " 1.وأما"قتلة عثمانرضفانه لا مجال للاجتهاد في قتله. بل هم فساق محاربون سافكون دما" حراما" عمدا" بلا تأويل على سبيل الظلم والعدوان فهم فساق ملعونون" 2. وفي صواعق ابن حجر الهيثمي يقول "إن من اعتقاد أهل السنة والجماعة أن معاويةرض لم يكن في أيام علي عليه السلام خليفة. وإنما كان من الملوك وغاية اجتهاده انه كان له أجر واحد على اجتهاده"3. فهؤلاء اتبعوا منهجا" تحريفاً.في حياتهم عليهم السلام فعدوا الأئمة من أهل البيت عليهم السلام. في قائمة القادة السياسيين التقليديين الذين يحترفون العمل السياسي لتحقيق مطالب شخصية أو عائلية أو حزبية. ويبعدوا عنهم الصفة الرسالية التي تطبع
حياتهم. ولذا فقد اعتاد هذا البعض من المؤرخين أن يصنفوا الأعمال الاجتماعية والسياسية والفكرية التي اضطلع الأئمة عليهم السلام بأعبائها حسب حالات الضعف أو القوة والصلابة أو المرونة وعلو الهمة أو ضعفها في أي إمام دون سواه. هكذا كما ينظرون إلى القادة الآخرين. ومن هنا فقد صار الامام علي عليه السلام"يفتقد إلى مزايا الزعامة السياسية من بعد نظر.ويقظة وحنكة وحزم ".ومعاوية في نظرهم "قد أوتي قسطا" وافرا"من الحنكة واللباقة السياسية وبعد النظر "4وجعلوا مواقف الأمام الحسن عليه السلام من معاوية وإبرام الصلح بينهما.من علامات الوهن والضعف في شخصيته أو عدم تمرسه في المسائل الحياتية الكبرى*.في يعد الحسين عليه السلام في عرف هؤلاء ذا شخصية تتسم بالصلابة وعلو الهمة.وقريبا" من ذلك تفسر كافة المواقف الرسالية التي وقفها أئمة أهل البيت عليهم السلام فلا تعدو ا ن تكون أساليبهم عليهم السلام عبر حياتهم العملية سلسة من ألانتصارات أو الإخفاقات السياسية التي تكتنف حياة أي سياسي آخر سواهم تبعا"لعوامل ذاتية وموضوعية. الثاني: المنهج التجزيئي اعتماد عامل التجزئة في دراسة حياة الأئمة عليهم السلام. وهذا المنهج في دراسة "تاريخ خط الإمامة " وان كان ضروريا" لدراسة كل إمام بصورة مستقلة. وكان يمتاز بسلامة القصد غالبا". إلا أنه يعرض حياة الأئمة كما لو كانت متباينة ومتناقضة. فالحسن عليه السلام يهادن معاوية والحسين عليه السلام يتخذ الثورة موقفا" من الحكم الأموي. والسجاد يمارس الدعاء ليس إلاّ. بينما اتسمت حياة الباقر عليه السلام بالحديث والفقه و...الخ...
ولئن كانت خطورة المنهج السابق تتجلى في فصل الأئمة عن خطهم الرسالي الملتزم، فان خطورة المنهج اللاحق تتسم في عدم التصدي لاكتشاف العامل المشترك الذي يوحّد بين أساليب الأئمة وجودهم منبعا" ومصبا". ودراستهم كوحدة مترابطة الأجزاء. يواصل كل جزاء في تلك الوحدة دور الجزء الآخر ويكمله.. v المنهج المعتمد: المنهج الترابطي ولذلك فان منهجنا".لأجل إن ندرك دور الأئمة عليهم السلام في الحياة الإسلامية والعامل المشترك الذي يوحد بين مجهوداتهم في العمل الاجتماعي.سوف ينصب على " دراسة حياة كل إمام وتاريخه على أساس النظرة الكلية بدلا " من النظرة الجزيئية. أي النظر إلى الأئمة عليهم السلام ككل مترابط.ودرس هذا الكل وكشف ملامحه العامة وأهدافه المشتركة ومزاجه الأصيل.وفهم الترابط بين خطواته. وبالتالي الدور الذي مارسه الأئمة عليهم السلام جميعا"في الحياة الإسلامية.بحيث يشكل الأئمة عليهم السلام بمجموعهم وحدة مترابطة الأجزاء يواصل كل جزء في تلك الوحدة دور الجزء الآخر ويكمله.. يقول الامام القائد دام ظله: "على الرغم من الاختلاف الظاهري بين سيرهم عليهم السلام حتى أن البعض ليشعر بالاختلاف الشاسع والتناقض فيها . إلا أنها عبارة عن مسيرة واحدة وحياة واحدة استمرت 250 سنة ابتداء من سنة11.هـ. ق.إلى 260.هـ.ق. أي انتهت بانتهاء عام الغيبة الصغرى للإمام الحجة عج. إذن فالأئمة عليهم السلام جميعهم عبارة عن شخصية واحدة لها هدف واحد. ولذلك فإننا وبدل أن ندرس حياة الامام الحسن عليه السلام والحسين عليه السلام بصورة منفصلة عن الأخرى ، أو حتى لا نقع في خطاء ما اعتقده الآخرون بوجود عنصر التناقض بين حياتهم عليهم السلام.فلندرس ذلك بصورة شمولية.فمن هذا المنظار تصبح كل حركات هذاالإنسان العظيم المعصوم تكون قابلة للفهم والإدراك"5.
v نتائج المنهج الترابطي: ولا نريد أن لا ندرس حياة الأئمة عليهم السلام على أساس النظرة الجزئية.دراسة كل إمام بصورة مستقلة.بل إن هذه الدراسة الجزئية نفسها ضرورية لانجاز دراسة شاملة كاملة ملائمة ككل.إذ لا بد لنا أولا" أن ندرس الأئمة بصورة مجزئة تستوعب إلى أوسع مدى ممكن حياة كل إمام. بكل ما تزخر به من ملامح وهداف ونشاط.حتى نتمكن بعد هذا أن ندرسه ككل ونستخلص الدور المشترك للأئمة عليهم السلام جميعا".وما يعبرون عنه من ملامح وأهداف وترابط. وحينما نحاول اكتشاف الخصائص العامة والدور المشترك للأئمة عليهم السلام ككل فسوف تزول كل التناقضات والاختلافات.لأنها تبدو على هذا المستوى مجرد تعابير مختلفة عن حقيقة واحدة. وإنما اختلف التعبير عنها وفقا" لاختلاف الظروف والملابسات التي مر بها كل إمام وعاشتها القضية الإسلامية في عصره. عن الظروف والملابسات التي مرت بها الرسالة في عهد إمام آخر. ويمكننا عن طريق دراسة الأئمة عليهم السلام على أساس النظرة الكلية أن نخرج بنتائج ازخر من مجموع النتائج التي تتمخض عنها الدراسات الجزئية. لأننا سوف نكتشف الترابط بين أعمالهم. وسوف نتخذ مثالا"لتوضيح الفكرة. فنحن نقرأ في حياة الأمام أمير المؤمنين عليهم السلام. انه جمع الصحابة في خلافته واستشهدهم على نصوص الإمامة.وشهد بذلك عدد كبير من التابعين وطلب منهم أن يحدثوا بنصوص النبي صفي علي وأهل البيت عليهم السلام. ونقرأ في حياة الامام الباقر عليهم السلام انه قام بنفس العملية واستشهد التابعين وتابعي التابعين. وحين ندرس الأئمة ككل ونربط بين هذه النشاطات بعضها ببعض ونلاحظ أن العمليات وضعت على مدى ثلاث أجيال. نجد أنفسنا أمام تخطيط مترابط يكمل بعضه بعضا". ويستهدف الحفاظ على تواتر النصوص عبر أجيال عديدة حتى تصبح في مستوى الوضوح والاشتهار. تتحدى كل مؤامرات الإخفاء والتحديد. وفي عقيدتنا أن وجود دور مشترك مارسه الأئمة جميعا" ليس مجرد افتراض. نبحث عن مبرراته التاريخية. وإنما هو مما تفرضه العقيدة نفسها وفكرة الإمامة بالذات. لأن
الإمامة واحدة في الجميع بمسؤولياتها وشروطها. فيجب أن تنعكس انعكاسا" واحدا"في سلوك الأئمة وأدوارهم مهما اختلف ألوانها الظاهرية بسبب الظروف والملابسات.6 فتباين أساليب العمل عند الأئمة. كما قدمنا. لا تعني أموراً مزاجية أو مصلحية، تخضع لأهوائهم ومشتهياتهم. وإنما هي تعبير عن الأخذ بشروط الحكمة في ما تمنحه لهم الفرصة الموضوعية الزمكانية والاستعداد للقيام بهذا العمل أو ذاك... ولهذا نرى أن ألأسلوب المفضل لدعوة الأئمة عليهم السلام في أبعادها الزمكانية تكون معقولة ومجدية في وقت معين ومفرغة من جدواها ومعناها في ظرف آخر. لأن هناك ظروفا" وملابسات تفرض أشكالا"مغايرة ومتنوعة في التنسيق والوعي العملي للتغيير. ومن هنا أهمية الدراسة الشمولية لدور الأئمة في الحياة الإسلامية.والتي من شأنها إبراز المكانة الحقيقية لدورهم العظيم في الحياة الإسلامية. ومدى انسجام وتفاعل أسلوب كل إمام مع الآخر.تلك الأساليب التي تتواجد من خلال ظروف موضوعية. يحتاجها العمل التغييري الآني مشروطا"ببيئته الزمانية والمكانية. ولا بدلنا ونحن ندرس تاريخ الأئمة عليهم السلام أن نعتمد النصوص التاريخية الصحيحة في التعرف على خصائص عملهم عليهم السلام وخصائص المراحل التاريخية التي مروا بها، حذرا" من الانجرار وراء الفكر المذهبي المسبق. ومحاولة فرضه على تاريخهم كطريقة لإعطاء تاريخهم الصبغة الشرعية والمقدسة أو منح أساليبهم التي مارسوها صفة الاستيعاب والشمول لكل ما كان ويكون من أساليب العمل والتخطيط... وتلك طريقة يبدو لنا أنها تسيء إلى تاريخهم أكثر مما تحسن إليه... فلذا سوف يكون التاريخ الصحيح دليلنا ومرشدنا في محاولتنا لفهم تاريخ حركتهم عليهم السلام.
هوامش 1- ابن حزم.المحلى. ج10.ص484. 2- الفصل لأبن حزم .ج4.ص161. 3- الصواعق .لأبن حجر الهيثمي.ص216. 4- صانعوا التاريخ العربي .د.فيليب حتي .ص63.69. * يقول احمد عباس صالح في كتابه اليمين واليسار في الإسلام .ص142."والأغرب من هذا أن الأمام الحسن ع لم يقف الوقفة التي كانت مرجوة منه . ومهما قيل في تبرير ضعفه أو تبرير تسليمه الثورة لمعاوية . فانه يعتبر خالف رسالة أبيه.ولم يتمها.ويقول في الحسين ع:"وكان الحسين مختلفا"عن الحسن فقد كان فيه من طبع أبيه الشيء الكثير . ولم يوافق الحسين على شيء مما أجراه أخوه . وكان يجادله ويعنف في جدله ". ويقول الدكتور في كتابه . الحركات السرية في الاسلام .ص66"وبعد موت علي التف الشيعة حول ابنه الحسن الذي اثر العافية. فتنازل عن حقه راضيا" . حاسما" للفتنة . وبعد موت الحسن التف الشيعة حول أخيه الحسين الذي طالب بالخلافة منكرا" على بني أمية إياها ملكا"موروثا" " ومثل هذا يقول الدكتور صبحي الصالح في كتابه النظم الإسلامية نشأتها وتطورها.ص266. 5- الدروس العظيمة من سيرة أهل البيت ع.ص144. 6- يراجع مقال " دور ألأئمة في الحياة الإسلامية .للسيد محمد باقر الصدر .دائرة المعارف الإسلامية الشيعية . للأمين .الجزء الثاني .ص94.
من كتاب الحياة السياسية لأئمة أهل البيت (ع) | |
|