الإدارة عضو ذهبي ممتاز
الجنس : عدد الرسائل : 6362 تاريخ التسجيل : 08/05/2008
| موضوع: إعلان موقفها من النظام الحاكم الجمعة أكتوبر 07, 2011 4:46 am | |
| إعلان موقفها من النظام الحاكم النص : ثمّ قالت : ( أيّها الناس ، اعلموا أنِّي فاطمة ، وأَبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) ، أقولُ عوداً وبدءً ولا أقول غلطاً ، ولا أفعلُ ما أفعلُ شططاً . ( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنْفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيْه ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَليْكُم بالمُؤْمِنينَ رَءُوفٌ رَحيمٌ ) (1) . فإن تُعزّوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نساءِكم ، وأخا ابن عمِّي دون رجالِكم ، ولنِعم المعزّى إليه ( صلّى الله عليه وآله ) . فبلّغَ بالرسالة صادعاً بالنذارة ، مائلاً عن مَدرجة المشركينَ ، ضارباً ثَبَجهم ، آخذاً بأكظامهم ، داعياً إلى سبيل ربِّه بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ ، يكسر الأصنامَ وينكت الهامَ ، حتى انهزم الجمعُ وولّوا الدُبرَ ، حتى تفرّى الليلُ عن صبحهِ ، وأسفر الحقُّ عن مَحضهِ ، ونطقَ زعيمُ الدين ، وخرست شقاشقُ الشياطين ، وطاح وشيظُ النفاق ، وانحلّت عُقدُ الكفرِ والشقاق ، وفُهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخِماص . ــــــــــــــــــــــ 1. سورة البراءة ، آية 129. ________________________________________ وكنتم على شفا حفرةٍ من النارِ ، مُذقة الشارب ، ونُهزة الطامعِ ، وقُبسة العجلانِ ، وموطئ الأقدامِ ، تشربون الطرْقَ ، وتقتاتون الورقَ ، أذلةً خاسئين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم . فأنقذكم اللهُ تبارك وتعالى بمحمدٍ ( صلّى الله عليه وآله ) بعد اللُتيّا والتي ، بعد أن مُنيَ ببُهَم الرجالِ ، وذؤبان العربِ ، ومَرَدة أهلِ الكتابِ ، كلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها اللهُ ، أو نَجَم قَرنُ للشيطان ، أو فغرت فاغرةٌ من المشركينَ قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفئ حتى يطأ صِماخها بأخمصه ، ويُخمد لهبَها بسيفهِ ، مكدوداً في ذاتِ اللهِ ، مجتهداً في أمرِ اللّهِ ، قريباً من رسولِ اللّهِ ، مشمّراً ناصحاً ، مُجدّاً كادحاً ، وأنتم في رفاهيةِ من العيشِ ، وادعونَ فاكهونَ آمنونَ ، تتربّصون بنا الدوائر ، وتتوكّفون الأخبارَ ، وتنكصون عند النزالِ ، وتفرّون عند القتال ) . التفسير : تضمن هذا القسم أيضاً حقائق كبيرة : 1 ـ بضعة النبي تقوم بكشف هويتها للحاضرين قبل كلِّ شيء ، وتُفرغ ما بأيديهم من حجج وأعذار ؛ حتى لا يدّعي أحد ، بأنّي لم أعرف بنت النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، وإلاّ سارعت لنصرتها . تركّز بشكل خاص على نسبتها للنبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، وتتكلم عن ارتباطها بعلي ( عليه السلام ) ، ثمّ تؤكّد على أنّ ما أنطق به هو عين الحقيقة ، لا أتحدث جزافاً ، ولا ينطق لساني بغير حساب ولو بكلمة ، فاستمعوا جيداً لِما أقول ، وعوا مسؤوليتكم العظيمة تجاه هذه الحادثة .
2 ـ الألم العميق بعدها تذكّر بعلاقة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بهم وكيف كان يتألم لآلامهم ، وأنّه كان شريكاً لهم في غمومهم ، مستندةً على الصفات الخمسة التي وصف القرآن المجيد نبيه بها في إحدى آياته الشريفة : ( لَقد جاءَكُم رَسولٌ مِن أنفسِكُمْ عزيزٌ عليهِ ما عِنتُّمْ حَريصٌ عليْكُم بالمؤمنينَ رءوفٌ رحيمٌ ) (1) . تلك الصفات التي شاهدها ، وعرفها الأصحاب في رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) . 3 ـ الجهود الشاقّة للنبي ( صلّى الله عليه وآله ) ثمّ تذكّر بالمعاناة الجسيمة التي مرت بالرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ، وكيف أنّه قام منفرداً بإبلاغ رسالة ربّه العظيمة ، دون أن يجد الانحراف سبيلاً إلى نفسه ، مرّغ أنوف المتعنّتين بالتراب ، وحطّم أدمغة المتكبرين ، وكان سلاحه المنطق والدليل والموعظة والحكمة لمَن طلب الحق واستقصى عنه ، إلى أن كسر شوكة المشركين ، ودمّر معابد الأصنام ، وتفرَّق أعداء الله ، فانزالت الظلمات وشعَّ النور ، وفرّت الخفافيش ، وتمكن جمع من الناس أن يردّدوا نغمة التوحيد ( لا إله إلاّ الله ) علناً في ديار الكفر . 4 ـ الماضي المشين تقوم فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بتذكيرهم بذلك اليوم الذي كانوا فيه مجموعةً ــــــــــــــــــــــ 1. سورة البراءة ، آية 129. ________________________________________ مؤمنةً صغيرةً ، تتصارع في وسط طوفان صعب وموحش ، فمن ناحية تداعب وسوسات مراحل الشرك وعبادة الأصنام مخيلاتكم أحياناً ، وتجرّكم إلى شفا جرف نار جهنم ، ومن ناحية أخرى فإنّ أعداءكم الأقوياء الظالمين ، قد أحاطوكم من كلِّ جانب ، يتربّصون بكم الدوائر ؛ ليسحقوكم بأيديهم وأرجلهم بطرفة عين ، وكنتم تحت حصار رهيب ، ليس لكم إلا الماء الآسِن والغذاء الرديء ، تخافون مصيركم المجهول . لكن ، شاء الله أن يكسر أسنان هؤلاء الذئاب المصّاصين للدماء ، ويضرب رؤوس هذه الأفاعي بالحجر ، ويسلّط هذه الفئة القليلة المستضعفة عليها ، وهو على ما يشاء قدير فعّال لِما يريد . لم يمضِ وقت حتى خمدت نيران الفتن ، وسكنت الأعاصير ، وفرّت العفاريت ، واختفى اللصوص وقطّاع الطرق ـ الذين كانوا يستفيدون من ظلمات ليالي الجاهلية ـ بعد أن أشرق العالم بنور شمس الإسلام . نعم ، ذكّرت فاطمة ( عليها السلام ) الحاضرين بتلك اللحظات الحسّاسة ، التي أثقلت كاهل المؤمنين ، وجعلت يومهم كقَرن من الزمان ؛ حتى لا يتناسوا نِعَمَ الله الجزيلة ، ولا ينكروا المواهب الإلهية ، ويسعون في استمرارية وديمومة هذا الخط الإلهي والرسالي العظيم ، ولا يستسلموا لِما يروّجه ويحيكه الأعداء . 5 ـ خدمات علي ( عليه السلام ) تذكّر ابنة النبي ( صلّى الله عليه وآله ) في وسط حديثها بما قدّمه أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) من خدمات لهذه الأمّة ، وكيف أنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) كان يرسله لمواجهة الحوادث الخطرة والتصدي لها ، وهو يقوم لها مؤثراً بنفسه ، مضحّياً
وفدائياً ، فينقضُّ على الفتن فيخمدها ويعود منتصراً ، أهوى برؤوس المتكبرين إلى الأرض بسيفه ، ومرّغ هامات الطواغيت بالتراب ، وكان ناصراً ومساعداً للرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ، وحامياً ومدافعاً في كلِّ مكان . نعم ، فمثل هذا الفرد العظيم يستطيع أن يُديم خطَّ هذه الثورة الكبيرة ، ويمنع عنه الانحراف .
من كتاب أعلام الهداية فاطمة الزهراء سيدة النساء (عليها السلام)
المجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام)
| |
|