عمال بنجلادش يبصقون دما لتعتيق سراويل الجينز

</SPAN>يسقط عشرات العمال في بنجلادش شهريًّا ضحايا لصناعة تعتيق سراويل الجينز التي يُستعمل فيها ضغط الرمال؛ بسبب انتشار مرض رئوي مميت من جراء رذاذ الأتربة المتطاير. وهذا المرض هو الثمن الذي يدفعه آلاف العمال مقابل التمسُّك بصيحة "الموضة" التي يكثر الجدل حولها.

وفيما أعلنت شركات ملابس عالمية تخلِّيَها عن سراويل الجينز المعتقة التي تلقى رواجًا كبيرًا في أوروبا؛ لا تزال شركات أخرى ترفض التخليَ عنها، فيما تحذر نقابات عمالية في بنجلادش من الآثار الاقتصادية إذا حُظرت هذه الصناعة أسوةً بمنعها في أوروبا وأمريكا. ويُشير تقريرٌ لوكالة "فرانس برس" إلى انتشار مرض السحار السيليسي -وهو مرض رئوي مميت- بين عمال تعتيق سراويل الجينز.

ويقول العامل سومان هولادر في أحد مستشفيات دكا، إنه يبصق دمًا بعد إصابته بهذا المرض خلال عمله بمصنع تعتيق جينز. ويعاني هولادر من سعال دائم، ويجد صعوبة في التنفس. ويقول: "في أحد الأيام، فيما كنت أعمل، خرج الدم من فمي ومن أنفي".

ويتابع: "قالوا لي إن العمل غير خطير، ولكن ذر الرمال كان يملأ الغرفة بالرمل والغبار؛ فكنت أتنشقهما وأبتلع كمية كبيرة منهما". واعتاد هولادر "تعتيق" ما بين مائتي وثلاثمائة سروال جينز على مدى عشر ساعات يوميًّا، مكتفيًا بوضع قناع من القماش على وجهه.

وحسب المجموعات المدافعة عن حقوق العمال، يعاني هولادر وعدد كبير من العمال الآخرين من السحار السيليسي، وهو مرض رئوي مميت ناجم عن استنشاق غبار السيليكا الذي ينبعث خلال عملية ذر الرمال. وتقضي هذه العملية بذر الرمال عالي الضغط على سراويل الجينز كي تبدو قديمة وعتيقة؛ علمًا أن هذه الموضة صارت رائجة قبل بضع سنوات في البلدان الغربية؛ حيث يصل سعر هذه السراويل إلى 300 يورو.

وأعلنت ماركات مهمة (مثل جوتشي، وليفايس، وإيتش أند إم، وجاب) أنها توقفت عن تسويق هذا النوع من سراويل الجينز. وفي تموز/يوليو الماضي، وأعلنت فيرساتشي عن التزامها بالامتناع عن اللجوء إلى هذه العملية بعد حملة أطلقها اتحاد "كلين كلوث كامبين" (حملة الثياب النظيفة). أما "دولتشي أند جابانا" فترفض التخليَ عن هذه العملية. وقد مُنعت هذه العملية في أوروبا والولايات المتحدة، لا في بنجلادش؛ حيث اليد العاملة رخيصة جدًّا.

وتقول كالبانا أختر من مركز تضامن العمال في بنجلادش: "ذر الرمال شائع جدًّا هنا. ولا يبحث الأطباء عامةً عن أعراض السحار السيليسي، بل غالبًا ما يتحدثون عن السل". وبما أن غالبية المصانع في بنجلادش لا توفر لعمالها تأمينًا صحيًّا، فإن العمال الذين يمرضون يعودون إلى ديارهم في حالة جسدية مزرية.

وحسب خورشيد علم الذي يترأس مجموعة للدفاع عن حقوق العمال، يستعمل حوالي 500 مصنع هذه العملية التي تعرِّض حياة عشرات آلاف العمال للخطر. ويقول إن كثيرًا من المصانع الكبيرة تدرك مخاطر ذر الرمال، فتقرر تكليف وحدات أصغر حجمًا بهذه العملية. ولكن الأجر مغرٍ ويبلغ 7500 تاكا (74 يورو)، أي ضعف الحد الأدنى للأجور. والمرشحون كثر في هذا البلد الغارق في الفقر.

ويقول محمد إيلياس (21 عامًا) الذي أتى من الشمال للعمل في أحد المصانع: "تؤمِّن بعض المصانع معدات تحمي من الرمال. ولكن هنا، نستعمل قناعًا من القماش، ولا يمكننا تفادي الرمال. علينا إذًا أن نعتاد الأمر". ويضيف: "يساعدني شرب كثير من الماء وتناول موزة يوميًّا على البقاء في صحة جيدة. لا أمانع استنشاق الرمال ما دام الأجر جيدًا".

أما شافيول إسلام محيي الدين مدير جمعية منتجي ومصدِّري الملابس، فيقول: "نحن من البلدان الأقل نموًّا. أرجوكم، لا تعتقدوا أننا في سويسرا"، معتبرًا صدور قرار بمنع هذه العملية على الصعيد الوطني أمرًا مُستبعَدًا.

وتقول إينيكيه زلدنروست المتحدثة باسم اتحاد "كلين كلوث كامبين": "نخشى أن تصير بنجلادش شبيهة بتركيا"؛ حيث مات عشرات العمال، ومن بينهم مراهقون، من جراء السحار السيليسي، قبل مطالبة الرأي العام بمنع هذه العملية.

ولكن أسما البالغة من العمر 25 عامًا التي تخضع للعلاج في مستشفى داكا، تقول إنه ما من خيار آخر لديها. وتوضح أن "المرض قضى على مدخراتي. إن لم أعمل فلن أتمكن من شراء الطعام".

mbc