الجنس : عدد الرسائل : 6362 تاريخ التسجيل : 08/05/2008
موضوع: مناظرة مع الخوارج السبت ديسمبر 03, 2011 11:58 am
مناظرة مع الخوارج
لمّا أراد عبدالله بن العباس الاحتجاج على الخوارج، أوصاه أميرالمؤمنين(عليه السلام) قائلا: «لاَ تُخَاصِمْهُمْ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ حَمَّالٌ ذُو وُجُوه، تَقُولُ وَيَقُولُونَ، وَلكِنْ حاجّهُمْ بالسُّنَّةِ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَجِدُوا عَنْهَا مَحِيصاً» وكان من حوار ابن عباس مع الخوارج عندما أقبلوا عليه يكلمونه فقال: ما نقمتم من الحكمين وقد قال الله عزّوجلّ: ( إنْ يُرِيدا إصْلاحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا) فكيف بأُمة محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت الخوارج: قلنا أمّا ما جعل حكمه إلى الناس وأمر بالنظر فيه والاصلاح له فهو إليهم كما أمر به وما حكم فأمضاه فليس للعباد أن ينظروا فيه حكم في الزاني مائة جلدة وفي السارق بقطع يده فليس للعباد أن ينظروا في هذا. قال ابن عباس: فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْل مِنْكُمْ)(فقالوا له: أو تجعل الحكم في الصيد والحدث يكون بين المرأة وزوجها كالحكم في دماء المسلمين. وقالت الخوارج: قلنا له فهذه الآية بيننا وبينك، أعدل عنك ابن العاص وهو بالأمس يقاتلنا ويسفك دماءنا فإن كان عدلا فلسنا بعدول ونحن أهل حربه، وقد حكمتم في أمر الله الرجال وقد أمضى الله عزّوجلّ حكمه في معاوية وحزبه أن يقتلوا أو يرجعوا وقيل ذلك ما دعوناهم إلى كتاب الله عزّوجلّ فأبوه ثمّ كتبتم بينكم وبينه كتاباً وجعلتم بينكم وبينه الموادعة والاستفاضة وقد قطع عزّوجلّ الاستفاضة والموادعة بين المسلمين وأهل الحرب منذ نزلت براءة إلاّ من أقر بالجزية(9). قال ابن أبي الحديد: هذا الكلام لا نظير له في شرفه وعلو معناه، وذلك أنّ القرآن كثير الاشتباه، فيه مواضع يظن في الظاهر أ نّها متناقضة متنافية، نحو قوله: (لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ) ونحو قوله: (إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) ونحو قوله: (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُـبْصِرُونَ)... ونحو ذلك، وأمّا السنّة فليست كذلك، وذلك لأنّ الصحابة كانت تسأل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وتستوضح منه الأحكام في الوقائع، وما عساه يشتبه عليهم من كلامهم، يراجعونه فيه، ولم يكونوا يراجعونه في القرآن إلاّ فيما قل بل كانوا يأخذونه منه تلقفاً، وأكثرهم لا يفهم معناه، لا لأنّه غير مفهوم، بل لأنهم ما كانوا يتعاطون فهمه، إمّا إجلالا له أو لرسول الله أن يسألوه عنه، أو يجرونه مجرى الأسماء الشريفة الّتي إنّما يراد منها بركتها لا الاحاطة بمعناها، فلذلك كثر الاختلاف في القرآن. ثمّ قال: فما هي السنّة الّتي أمره أن يحاجهم بها؟ قلت: كان لأميرالمؤمنين(عليه السلام) في ذلك غرض صحيح، وإليه أشار، وحوله كان يطوف ويحوم، وذلك أ نّه أراد أن يقول لهم: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ يدور معه حيثما دار»، وقوله: «اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله»، ونحو ذلك من الأخبار