الإدارة عضو ذهبي ممتاز
الجنس : عدد الرسائل : 6362 تاريخ التسجيل : 08/05/2008
| موضوع: رسالة الحقوق الأربعاء أغسطس 01, 2012 12:34 pm | |
| رسالة الحقوق يبحث بعض الناس عن الدرجات العلى في الإيمان ويتساءلون : كيف نجتهد حتى نصبح مؤمنين حق الإيمان ؟. لمثل هؤلاء كتب الإمام زين العابدين (ع) رسالة الحقوق التي تشرح واجبات المؤمن ومسوؤلياتـه تجاه الخالق والناس ، وتحدِّد - بالتالي - طبيعة العلاقة القائمة على أسسٍ متوازنةٍ وعادلةٍ ، وقد استهلّت الرسالة بما يلي : " إعلم - رحمك اللـه - أن لله عليك حقوقاً محيطةً بك في كل حركة تحرَّكتها ، أو سكَنة سكَنتها ، أو منزلة نزلتها ، أو جارحة قلَّبتها ، أو آلة تصرفت بها ؛ بعضُها أكبر من بعض . وأكبر حقوق اللـه عليك ما أوجبه عليك نفسك من قرنك إلى قدمك ، على اختلاف جوارحك ، فجعل لبصرك عليك حقّاً ، ولسمعك عليك حقّاً ، وللسانك عليك حقاًّ ، وليدك عليك حقّاً ، ولرجلك عليك حقّاً ، ولبطنك عليك حقّاً ، ولفرجك عليك حقّاً ، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال . ثم جعل لأفعالك عليك حقوقا : لصلاتك عليك حقّاً ، ولصومك عليك حقّاً ، ولصَدَقتك عليك حقّاً ، ولهدْيِك عليك حقّاً ، ولأفعالك عليك حقّاً . ثم تُخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك ، وأوجَبُها عليك حقُّ أئمتك ، ثم حقوق رعيتك ، ثم حقوق رَحِمك " (1) . ويستمر الإمام (ع) في بيان هذه الحقوق وفروعها ، ويبيَّن من خلالها العلاقة المثلى بين الانسان وبين الخلق والخالق . وسوف نستوحي من دراسة رسالة الحقوق البصائر التالية : أولاً : أن حديث الإمام (ع) كان موجهاً للصفوة من أهل الإيمان ، الذين نشروا الكمال وسعوا إليه سعيـه ، لذلك تجد الحقوق المذكورة في هــذه الرسالة تجمع بين الحقوق الواجبة والأخرى المندوبة . بـل إن أكثرها من النوع الثاني . ثانياً : إن هذه الرسالة وأمثالها مما نجده عند أئمة أهل البيت (ع) في صيغة رسائل أو وصايا مفصَّلة، والتي جمعها العالم الكبير الحسن بن علي بن شعبة الحلبي في كتابه الفذ ( تحف العقول ) كانت بمثابة دروس مركَّزة في التربية الرسالية توارثها الصالحون من أولياء أهل البيت ( عليهم السلام ) بهدف بناء القدوات المثلى والطليعة المتميزة من أبنائهم ليكونوا شهداء على الناس . وما أحوجنا نحن المسلمين اليوم إلى العودة إليها في مناهج التربية ، وبالذات في الحوزات العلمية التي هي الامتداد الرسالي لخط أهل البيت النبوي (ع) . ثالثاً : إن هذه الرسالة تحافظ على توازن الشخصية الإيمانية وتصونها من التطرف نحو جانب من الشريعة وإهمال سائر الجوانب ؛ فلابد أن تتسع صدورنا لكافة أبعاد الشريعة ، وضمن برامج محددة نجدها في مثل رسالة الحقوق . وكلمة أخيرة : إن هذه الرسالة تعكس البصيرة القرآنية ذات الشمول والعمق والدقة التي تتناسب ومقام الإمامة لسيد الساجدين (ع) ، والتي يعجز عن مثلها أي فقيه أو عالم إن لم يكن متصلاً برافد الرسالة الذي لا ينضب . فسلام اللـه على من أرسلها ، وبارك اللـه لمن استجاب لها.
| |
|