الإدارة عضو ذهبي ممتاز
الجنس : عدد الرسائل : 6362 تاريخ التسجيل : 08/05/2008
| موضوع: الحلم وكظم الغيظ السبت أغسطس 11, 2012 11:20 am | |
| مؤهلات الإمام علي ( عليه السلام ) للخلاقة اهتمَّ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) اهتماما بالغاً بتكييف حالة المسلمين ، وتقرير مصيرهم ، واستمرار حياتهم في طريقها إلى التطور في المجالات الاجتماعية والسياسية . ورسم لها الطريق على أساس من المنهج التجريبي الذي لا يخضع بأي حال لعوامل العاطفة أو المؤثرات الخارجية . فَعَيَّن ( صلى الله عليه وآله ) لها الإمام علي ( عليه السلام ) لقيادتها الروحية ، وذلك لِمَا يَتَمَتَّعُ به ( عليه السلام ) من القابليَّات الفَذَّة ، والتي هي بإجماع المسلمين لم تتوفر في غيره ( عليه السلام ) . ولعل من أهمّها ما يلي : أولها : الإِحاطَة بالقضاء : فقد كان ( عليه السلام ) المرجع الأعلى للعالم الإسلامي في ذلك . وقد اشتهرت مقالة عُمَر في الإمام علي ( عليه السلام ) : ( لَولا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَر ) . ولم ينازعه أحد من الصحابة في هذه الموهبة ، فقد أجمعوا على أنه ( عليه السلام ) أعلم الناس بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأبصرهم بأمور الدين وشؤون الشريعة ، وأوفرهم دراية في الشؤون السياسية والإدارية . وعهده ( عليه السلام ) لمالك الأشتر من أوثق الأدلة على هذا القول ، فقد حفل هذا العهد بما لم يحفل به أي دستور سياسي في الإسلام وغيره . فقد عنى بواجبات الدولة تجاه المواطنين ، ومسؤولياتها بتوفير العدل السياسي والاجتماعي لهم . كما حدّد ( عليه السلام ) صلاحيات الحُكَّام ومسؤولياتهم ، ونصَّ على الشروط التي يجب أن تتوفر في الموظف في جهاز الحكم من الكفاءة ، والدراية التامة بشؤون العمل الذي يعهد إليه ، وأن يتحلّى بالخُلق والإيمان ، والحريجة في الدين ، وإلى غير ذلك من البنود المشرقة التي حفل بها هذا العهد ، والتي لا غنى للأمة حكومة وشعباً عنها . وكما أنه ( عليه السلام ) كان أعلم المسلمين بهذه الأمور فقد كان من أعلمهم بسائر العلوم الأخرى ، كعلم الكلام والفلسفة ، وعلم الحساب وغيرها . ومع هذه الثروات العلمية الهائلة التي يَتَمَتَّع بها كيف لا ينتخبه الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، أو يرشّحه لمنصب الخلافة التي هي المحور الذي تدور عليه سيادة الأمة وأَمْنها . فإن الطاقات العلمية الضخمة التي يملكها الإمام تقتضى بحكم المنطق الإسلامي أن يكون هو المرشح للقيادة العامة دون غيره . فإن الله تعالى يقول : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) الزمر : 9 . ثانيها : الشجاعة : إن الإمام علي ( عليه السلام ) كان من أشجع الناس وأثبتِهِم قلباً ، وقد استوعبت شجاعته النادرة جميع لغات الأرض ، وهو القائل ( عليه السلام ) : ( لَو تَظَافَرَتْ العَرَبُ عَلى قِتَالِي لَمَا وَلَّيتُ عَنْهَا ) . وقد قام هذا الدين بسيفه ( عليه السلام ) ، وبُنِيَ على جهاده وجهوده ، وهو صاحب المواقف المشهورة يوم بَدر وحُنَين والأحزاب . فقد حصد ( عليه السلام ) رؤوس المشركين ، وَأبَادَ ضروسهم ، وأشاع فيهم القتل ، فلم تنفتح ثغرة على الإسلام إلا تَصَدَّى إلى إسكاتها . فَقَدَّمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أميراً في جميع المواقف والمشاهد ، وأسند إليه قيادة جيوشه العامة . فإنه ( عليه السلام ) ما وَلجَ حرباً إلا فتح الله على يَدِه ، فهو الذي قَهَر اليهود ، وفتح حصون خَيْبَر ، وَكَسَر شوكتهم ، وأخمد نارهم . والشجاعة من العناصر الاساسية التي تتوقف عليها القيادة العامة ، فان الأمة اذا منيت بالازمات والنكسات ، وكان زعيمها ضعيف الإرادة ، خائر القوى جبان القلب ، فانها تصاب حتما بالكوارث والخطوب ، وتلاحقها الضربات والنكبات . ومع توفر هذه الصفة بأسمى معانيها في الإمام علي ( عليه السلام ) كيف لا يرشّحه النبي ( صلى الله عليه وآله ) للخلافة الإسلامية ! . فإنه ( عليه السلام ) بحكم شجاعته الفَذَّة التي تصحبها جميع الصفات الفاضلة ، والمثل الكريمة ، كان مُتَعَيَّناً لقيادة الأمة وإدارة شؤونها ، حتى لو لم يكن هناك نَصٌّ من النبي ( صلى الله عليه وآله ) عليه . ثالثها : نُكرَان الذات : وأهم صفة لا بُدَّ من توفرها عند من يتصدى زعامة الأمة هي نكران الذات ، وإيثار مصلحة الأمة على كل شيء ، وعدم الاستئثار بالفيء وغيره من أموال المسلمين . وكانت هذه الظاهرة من أبرز ما عُرِف به الإمام ( عليه السلام ) أيام حكومته ، فلم يعرف المسلمون ولا غيرهم حاكماً تَنَكَّر لجميع مصالحه الخاصة كالإمام ( عليه السلام ) ، فلم يَدَّخِر لنفسه ولا لأهل بيته ( عليهم السلام ) شيئاً من أموال الدولة ، وتَحرَّجَ فيها تَحَرُّجاً شديداً . وقد أجهد نفسه ( عليه السلام ) على أن يسير بين المسلمين بسيرة قُوَامُها الحقُّ المَحِض والعدل الخالص . رابعها : العدالة : وهي من أبرز الصفات الماثلة في شخصية الإمام ( عليه السلام ) ، فقد أترعت نفسه الشريفة بتقوى الله ، والتجنب عن معاصيه ، فلم يؤثر أي شيء على طاعة الله ، وقد تَحرَّج أشدَّ التَحَرُّج عن كل ما لا يُقرُّه الدين ، وتَأَبَاهُ شريعة الله ، وهو القائل : ( وَاللهِ لَو أُعطِيتُ الأَقَالِيمَ السَّبع بِما تَحت أفلاكِهَا عَلَى أنْ أَعصِي اللهَ فِي جَلْبِ شَعِيرَة أَسلُبُها مِن فَمِ جَرَادَةٍ مَا فَعَلتُ ) . وكان من مظاهر عدالته النادرة أنه امتنع من إجابة عبد الرحمن بن عوف حينما أَلَحَّ عليه أن يُقلِّده الخلافة شريطة الالتزام بسياسة الشيخين - أبي بكر وعُمَر - فأبى ( عليه السلام ) إلا أن يسير على وفق سيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فحسب . ولو كان ( عليه السلام ) من طلاب الدنيا ، وعشّاق السلطان لأجابه إلى ذلك ، ثم يسير على وفق ما يراه ، ولكنّه لا يلتزم بشيء لا يُقِرُّه ، فلم يسلك أي طريق فيه التواء أو انحراف عن مُثُل الإسلام وهَدْيِهِ . فقد توفرت العدالة بأرحب مفاهيمها في شخصية الإمام ( عليه السلام ) ، وهي من العناصر الرئيسية التي يجب أن يَتَحَلَّى بها من يَتَقَلَّد زمام الحكم ، وَيَلي أمور المسلمين . هذه بعض خصائص الإمام علي ( عليه السلام ) ، فكيف لا يُرَشِّحُه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ولا ينتخبه لمنصب الخلافة !! .
| |
|