منتديات قرية الطريبيل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات قرية الطريبيل

إسلامي - علمي - تربوي - ثقافي- مناسبات - منوعات
 
الرئيسيةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإستدراج

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الإدارة
عضو ذهبي ممتاز
عضو ذهبي ممتاز
الإدارة


الجنس : ذكر
عدد الرسائل : 6362
تاريخ التسجيل : 08/05/2008

الإستدراج Empty
مُساهمةموضوع: الإستدراج   الإستدراج Emptyالجمعة يناير 18, 2013 7:10 am



الإستدراج

الإستدراج هو الأخذ بالتدريج، وهو من عقوبات الطرد واللعن في الدنيا والآخرة، وهو
نوع من إبتلاء الكاذبين، حيث يستكبر العبد على حقيقة العبودية لله تعالى ومعانيها
وواجباتها، ويجحد آيات الله وحججه على عباده، فيقسى قلبه، ويقيم على معاصيه، ويزداد
من الله تعالى بعدا ومن رحمته طردا.
فتنزل العقوبات الإلهية على مستحقي هذا النوع من الإبتلاء على شكل جمالي في ظاهرها،
فيوسّع الله عليهم في الدنيا، ويبسط لهم في الرزق، يكثّر أموالهم وأولادهم، فيغترون
بذلك فيقولون لولا أنّ الله عنّا راضٍ ما أعطانا، فيقيمون على كفرهم وجحودهم وظلمهم
ومعاصيهم، ويفرحون بما أوتوا، ولا يزالون كذلك حتى يأخذهم الله، قال تعالى في سورة
آل عمران الآية 178 {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي
لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين}.
فبسبب تكذيبهم لآيات الله، وإنكارهم لحجج الله تعالى أخذوا من حيث لا يعلمون، ومن
حيث يجهلون.
قال تعالى في سورة الأعراف الآية: 182 {والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا
يعلمون}.
جاء عن الإمام الصادق عليه السلام، في تفسير الآية المشار إليها آنفا أنه قال (هو
العبد يذنب الذنب فتجدد له النعمة معه , تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار عن ذلك
الذنب).
وورد عـن الإمام الصادق عليه السلام في كتاب الكافي: إن اللّه إذا أراد بعبد خيرا
فأذنب ذنبا، أتبعه بنقمة ويذكره الإسـتـغفار, وإذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا أتبعه
بنعمة لينسيه الإستغفار, ويتمادى بها, وهو قوله عزوجل {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}
بالنعم عند المعاصي.
فهؤلاء عندما ينزل بهم الإبتلاء، ويرون بأس الله الشديد، تزداد قلوبهم قسوة، ويزين
لهم الشيطان أعمالهم، فلا يعتبرون من آيات الله تعالى ولا يتنبهون لها، بل ربما
يبررون النوازل القهرية بتبريرات علمية مقطوعة الصلة من رب

العالمين، ويطمئنون لذلك ويستدرجون به، ويزدادون من حقيقة العبودية جحودا وإنكارا،
كما يفعل الأمريكان (ومن والاهم في عبوديتهم لأنفسهم) اليوم عند حصول إعصار أو
زلزال أو عند انتشار أمراض معينة، يبررون ذلك وكأنهم أهل العلم المطلق، ويخَرجون
تحليلاتهم وتقاريرهم مزينة بزينة الشياطين، يفرحون بذلك وبتقدمهم المادي في كل شيء،
ويستهزؤون بقدرة الله القادر، الذي سوف ينزل بهم الإبتلاءات القهرية بغتة، فيذلهم
ويقطع دابرهم.
قال تعالى في سورة الأنعام الآيات43 - 45 {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست
قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون، فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب
كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم
الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين}.
فأبشروا أيها المؤمنون الصابرون المستضعفون، ولا يحزنكم استكبارهم، وحلم الله
عليهم، فإن الله يمهل ولا يهمل، فسيأتيهم الخزي والعار في الدنيا قبل الآخرة سنة
الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.
قال تعالى في سورة المائدة {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من
الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون
لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم
تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد
الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}.
وقال تعالى في سورة الأعراف. الآية: 165 {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون
عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون}.
عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال ـ قال الله تعالى: وعزتي لا اخرج لي
عبدا من الدنيا وأريد عذابه إلا استوفيته كل حسنة له إما بالسعة في رزقه، أو بالصحة
في جسده وإما بأمن ادخله عليه فان بقي عليه شيء هونت عليه الموت

ويـقـول الإمام عـلي عليه السلام في نهج البلاغة أنه (من وسع عليه في ذات يده فلم
ير ذلك استدراجا فقد أمن مخوفا).
وهناك أيضا أنواع أخرى من الإستدراج غير التي ذكرناها وتتضمنها الآيات المذكورة
آنفا في مضامينها، تختص بمن يتمثلون بالإسلام والتدين أكثر من غيرهم. كالإستدراج
بالطاعات والعبادات، من خلال العجب والرياء، ومن خلال حب النفس وإعجاب أصحاب الآراء
بآرائهم، وأصحاب العقول بعقولهم، قال تعالى في سورة فاطر. الآية: 8 {أفمن زين له
سوء عمله فرآه حسنا}.
فيتصورون الكمال في أنفسهم وأعمالهم وسلوكهم، فيبتهجون ويستكبرون ويهلكون، فمن دخله
العجب هلك، ولا جهل أضر من العجب.
فيؤخذون من هذا الجانب تدريجيا إلى الطرد من رحمة الله تعالى من حيث ما يعتقدون
أنهم فيه على حق. فيكون تدميرهم في تدبيرهم، ومن خلال جمودهم على أهوائهم وآرائهم،
واعتقادهم بأعلميتهم، فيترفعون عن بساط العبودية وعن الإقتداء بالأئمة من أهل البيت
عليهم السلام، ولا يأخذون من هديهم، ثم تدريجيا يتطاولون على مقام رسول الله صلى
الله عليه وآله من خلال اعتقادهم بأنهم مُشَرعون مثله، ثم بعد ذلك يفضلون ما تُمليه
عليهم عقولهم ويفضلون ذلك على أحكام وأوامر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وواقع الإستدراج هذا حاصل فعلا عند المسلمين وقد عاشوه فعلا ولازالوا يعيشونه
اليوم، ولا أريد أن أذكر بمن استدرج بآرائه ليتطاول بها على رسول الله، وعلى مقام
أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، فلقد ذكرت لك بعضا من أولئك.
ولكنني أُذَكر هنا بالخوارج الذين تمكنوا في العبادات وحفظ القرآن، وظنوا أنفسهم
أوصياء الله في الأرض، واستدرجوا حتى وصل بهم الأمر إلى تكفير أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام، ثم التآمر على قتله، وهم يعتقدون أنهم يطبقون أمر الله
تعالى، فأوصلهم الإستدراج بالطاعات وحفظ القرآن والعجب إلى الخروج عن بساط العبودية
واستحقاق عقوبة اللعن والطرد

من رحمة الله تعالى، وهم يعتقدون أنهم سيدخلون الجنة ربما قبل رسول الله صلى الله
عليه وآله.
ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وآله من هؤلاء ومن نوع استدراجهم، حتى يتقيهم
المسلمون ولا يُستدرجوا مثلهم.
روى الحاكم في المستدرك عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم قال
(سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل، ويسيئون الفعل، ويقرؤون القرآن لا
يجاوز تراقيهم، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين
مروق السهم من الرمية، لا يرجع حتى يرد السهم على فوقه، وهم شرار الخلق والخليقة،
طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى
بالله منهم) قالوا: يا رسول الله، ما سيماهم؟ قال: التحليق. ‏ وروى في مجمع الزوائد
عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): يخرج من أمتي
قوم يسيئون الأعمال، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم. يحقر أحدكم عمله مع عملهم،
يقتلون أهل الإسلام، فإذا خرجوا فاقتلوهم إذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم
فطوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه كلما طلع منهم قرن قطعه الله عز وجل).
فردد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين مرة أو أكثر وأنا أسمع. ورواه أحمد بن
حنبل في المسند والحاكم، ورواه البخاري ومسلم مع الإختلاف في بعض الألفاظ.
وأعتقد أن أولئك المستدرجون من خلال الدين، يتجددون في كل عصر بحسب ما ذكرت
الأحاديث النبوية الشريفة، فها هم اليوم ينتشرون بين المسلمين، يصلون ويصومون،
ويقرؤون القرآن، مستدرجون بعقولهم وآرائهم وأفكارهم وتبعيتهم، وكما قتل أسلافهم
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فهاهم اليوم يكفرون المسلمين المؤمنين
أتباع وشيعة أمير المؤمنين، خير البرية كما وصفهم القرآن الكريم، ويعتبرون قتلهم
جهادا في سبيل الله، ويعتبر

أحدهم أنه وبكبسة زر على حزام ناسف يفجره في مساجد المؤمنين سوف يكون بين الحور
العين في الجنة.
هذا هو واقع أولئك المستدرجون بالطاعات والعبادات، أهل العجب، خوارج العصر الحديث،
الذين يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، الجالسون على بساط عبودية دين
معاوية ويزيد، أهل العقوبة واللعن والطرد من رحمة الله.
أما على مستوى الأفراد العاديين الذين يقيمون على المعاصي ويستدرجون من خلالها فهم
كثر ولا يخلو منهم مجتمع من مجتمعات المسلمين، وأعتقد أن كل واحد منا قد عاش وتعامل
مع أمثالهم، فإنا شخصيا أعرف الكثير ممن نقضوا عهودهم وقطعوا حبل الوصال مع شيعة
أهل البيت عليهم السلام وطعنوا في أعراضهم وسرقوا حقوقهم وظلموهم وافتروا عليهم
وتجسسوا عليهم لحساب أعداء الله، بعد كل تلك الجرائم نجد أن الدنيا قد فتحت على
أولئك وتوسعت عليهم، ظنا منهم أنهم من أهل القرب من الله تعالى، ولولا أن الله راض
عنهم لما أعطاهم. ولقد رأيتهم بعد ذلك يتمتعون بأموال المظلومين التي انتزعوها من
أصحابها الشرعيين، بينما أصحاب الحق لا يجدون ما يسد رمقهم، وأما أولئك المستدرجون
فنراهم يصلون ويصومون ويبنون المساجد ظنا منهم أن الله غافل عما يعمل الظالمون،
ولقد كنت على قرب من |أحد أولئك المستكبرين المستدرجين الذين يعيشون أوهام الكبرياء
والعظمة والإستكبار على بساط العبودية وعلى عباد الله الصالحين المؤمنين، ومن
العجيب أن ذاك المستدرج وفي كل جلسة كان يردد دائما آية يحفظها ويلقنها لمن يجلس
معه، اعتقادا منه أنها لا تتحدث عن أمثاله، وهي قوله تعالى من سورة الأنعام
الآيات43 - 45 {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما
كانوا يعملون، فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما
أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب
العالمين}. حتى أنني أعرف عدة أشخاص قد حفظوا تلك الآية غيبا من كثرة ما ذكرها
أمامهم، فيا سبحان الله كيف يقيم رب العالمين الحجة على

المستدرجين حتى من أفواههم وبألسنتهم، قبل أن يذلهم ويخزيهم ويلعنهم ويطردهم من
رحمته، ويشف صدور قوم مؤمنين.
وفي النهاية أقول لعلي أكون قد وفقت في بيان معنى الإبتلاء وما يتعلق به والعبودية
ومعناها، والعلاقة الوثيقة بين تلك المصطلحات وأهل البيت عليهم السلام، من خلال
الأسلوب السهل والمباشر، وأهم ما يجب تذكره هو الوسيلة والصلة بين العبودية
والربوبية، وهم شعائر الله الرسول وأهل بيته المعصومين الطاهرين، وأننا مبتلون بهم
ممتحنون في الإعتقاد بحقوقهم وأحقيتهم، وأننا لا يمكن أن نفهم معاني العبودية لله
تعالى والقيام بحقوقها ومعنى الإبتلاء إلا من خلال معرفتهم، والله ولي التوفيق.









من كتاب الإبتلاء ُسنَة إلهية على بساط العبودية
للدكتور صلاح الدين الحسيني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turaibel.mam9.com
 
الإستدراج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قرية الطريبيل :: الاقـسـام الاسـلامـيـة :: منتدى الإسلامي-
انتقل الى: