الإدارة عضو ذهبي ممتاز
الجنس : عدد الرسائل : 6362 تاريخ التسجيل : 08/05/2008
| موضوع: الشعر منبر سيَّار الجمعة فبراير 08, 2013 6:04 am | |
|
الشعر منبر سيَّار تناغم الحياة ينعكس في ضمير الإنسان بحبك أوزان الشعر ومعانيه البديعة . وكانت العرب في الجاهلية وفي العصور الإسلامية الأولى ، بالغة الإهتمام بالشعر . وقد مدح ربُّنا سبحانه في سورة الشعراء أولئك المؤمنين منهم الذين ينتصرون للمظلوم . وقد اهتم أئمة الهدى (ع) بالشعر كمنبر سيار يمشي بين الناس بانسياب . كما أن الطغاة بدورهم استخدموا الشعراء مطية لإعلامهم المضلَّل . وقد قيل إن الإمام زين العابدين (ع) نظم الشعر . واشهر ما ينقل عنه تلك الرائعة التي يقول فيها : نحـن بنو المصطفـى ذوو غصص * يجـرعهــا في الأنـــــــــام كــاظمنا عظيمة فـي الأنـــــــام محنتــــــنـا * أولنا مبـــتـــــــلــى و آخــــــــرنــــا يفـرح هذا الــورى بعـــــــــيــدهـمُ * و نحـن أعيـــــــادنا مــــــــــآتمـنــا والناس في الأمن والسرور، وما * يـأمــن طــــول الـزمان خـائفـــــنـا وما خصصنا به من الشـرف الطا * ئــــــل بــــــيــن الأنــام آفتــــــــــنـا يُحْكَم فينا ، و الحكـــــــم فيــه لنــا * جــاحدُنــا حقَّنــا و غاضبــــنــا (5) ونسب إليه ابن شهر اشوب في المناقب قوله : لكـم مــا تــــــدَّعـون بغـــــيــر حَـقٍّ * إذا مِــيز الصحــاحُ مــن الْمــِراضِ عــرفتـمْ حقّـــــــَنـا فجــحــــدتمونــا * كمــا عــــرف الســواد مـن البياضِ كتابُ اللـه شــــاهـدُنـا عـــــــــليكـم * وقاضينا الإلــه ، فنعـم قــــاض (6) أما تأييده للشعراء المدافعين عن الحق ، فنعرفه من خلال قصة مع الفرزدق الذي كان محسوباً على بلاط الأمويين ، إلاّ أنه كان ينتمي تاريخيّاً إلى البيت العلوي . فلما وجد فرصة فاضت قريحته بالرائعة المعروفة . فلما غضب عليه هشام بن عبد الملك والسلطة الأموية واعتقل ، بادر الإمام بجائزته . وبقي إلى آخر حياته يعيش في ظل الإمامة الإسلامية حسبما يذكر بعض المؤرخين . أما رائعته وقصتها . فهي التالية : رواها السبكي في طبقات الشافعية بسند متصل إلى ابن عائشة عبد اللـه بن محمد عن أبيه ، قال : حج هشام بن عبد الملك فطاف بالبيت فجهد أن يصل إلى الحجر فيستلمه فلم يقدر عليه ، فنُصب له منبرٌ وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه أهل الشام ، إذ أقبل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وكان من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم أرجاً ، فطاف بالبيت فلما بلغ الحجر تنحَّى له الناس حتى يستلمــه ، فقال رجل من أهل الشام مَن هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة ؟. فقال : هشام لا أعرفه ، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام . وكان الفرزدق حاضراً فقال الفرزدق : ولكني أعرفه. قال الشامي : من هو يا أبا فراس ؟. فقال الفرزدق ( وقد توافقت روايتا سبط ابن الجوزي والسبكي إلاّ في أبيات يسيرة ، وهذا ما ذكراه ) : هـذا الــذي تَعـرف البطحــــــاءُ وطأتَــــــهُ * و البيـت يعــــرفـه و الْحِـلُّ و الحـــــــــَرمُ هــذا ابــنُ خيــر عبادِ اللـــــــــه كُلِّهــــــمُ * هذا التـــــــقيُّ النـــــــقيُّ الطــــاهرُ العلَــمُ يكــادُ يَمْسِكُـــــــه عــــــــِرفانُ راحَتِـــــــه * ركـــــــنُ الحطيم إذا ما جــــــــــاءَ يَستلـمُ إذا رأتْهُ قـــــــريشٌ قـــــــــالَ قائِلُـــــــــها * إلى مَكـــــــارمِ هـــــــذا يَنتهـي الـــــــكـرَمُ إنْ عُــدَّ أهـــــــلَ التُّقى كانوا ذوي عـــددٍ * أو قـــــــيل مَن خـــيرُ أهلِ الأرضِ قيلَ هُمُ هـذا ابنُ فـــــــاطمةٍ إن كنــــــتَ جاهلَــهُ * بِجـــــــَدِّه أنـــــــبــياءُ الله قـــــــد خــــــُتِموا وليسَ قـــــــولُك مَنْ هـــــــذا بِضـــائــِرهِ * أَلْعُــــــــرْبُ تَعــرف مَن أنكـــــــرتَ والعجَمُ يُغـــــــضي حَياءً ويُغــــْضَى مِنْ مَهابَتِــهِ * فـــــــَمَا يُكلَّمُ إلاّ حـــــــيــنَ يـــــــَبتــــــــسمُ يُنْمَى إلـــــــى ذروةِ العـــــزِّ التي قَصُرَتْ * عـــــــنها الأكفُّ وعـــــــن إدراكِهـا القــدَمُ مـن جـــــــدَّه دان فـــــــضل الأنبـــياء له * وفـــــــضل أمته دانـــــــت لــــه الأمـــــــــمُ ينشقُّ نورُ الهـــــــدى عـن صَبْحِ غُرَّتِــهِ * كـــــــالشمس تَنْجابُ عــــن إِشرافِها الظُّلَمُ مشتقَّـــــــةٌ من رســـــــولِ اللـه نبعــــتُه * طـــــــابتْ عـــــــناصرُه والْخـــــيمُ والشِّيَـمُ اللـه شـــــــرَّفــَهُ قـــــــِدْمــاً وفـــــــضَّلـه * جـــــــرى بـــــــذاك له فـــــــي لوحِهِ القلَــمُ كِلتـــــــا يَديـــــــهِ غيـاثُ عـــــــمَّ نفعُهمـا * يَستـــــــوكَفــانِ ولا يَـــــــعــــــروهما العدَمُ سهـلُ الخليقـــــــةِ لا تُخـــــــشى بــوادرهُ * يـــــــَزينه اثنـــــــانِ حُسْنُ الْخُلـــقِ والكرَمُ حمَّالُ أثـــــــقــالِ أقــــــــوامٍ إذا فُــــدِحوا * رحـــــــبُ الفِناء ، أريـــــــبٌ حين يَعــــــتزمُ ما قـــــــال : لا ، قـــــــطُّ إلاّ فـي تشهّـدهِ * لــــــــولا التشهـــــــدُ كـــــــانتْ لاؤه نـــــَعَـمُ عَـــــــمَّ البــــــــريةَ بالإحسـان فانقشعـتْ * عـــــــنه الغـــــــيـابةُ لا هـــــــلقٌ ولا كَـهَـمُ مِنْ مَعشرٍ حـــــــبُّهمْ دين، وبُغــــــضُهُــمُ * كـــــــفـرٌ ، وقـــــــربهـمُ ملجاً ومُعْتَصَــــــــمُ لا يَستـــــــطيـــــــع جوادٌ بَعْدَ غـــــــايتِهم * ولا يُـــــــدانيهــمُ قـــــــومٌ وإن كـــــــَرُمــُـوا هـمُ الْغـــــــُيوثُ إذا مـــــــا أزمـةٌ أزمـتْ * والأسْـــــــدُ أُســــــدُ الشرى والرأي مُحْتَـدِمُ لا يُنـــــــقص العسرُ بَسْطاً مــــــن أَكُفِّهِم * سِـــــــيَّانِ ذلك إن أَثـــــــْرَوْا وإنْ عُـــــدِمُوا يَستدفع السوءُ والبـــــــلــوى بحــــــُبِّهـِمْ * ويُســـــــتربُّ بـــــــه الإحســــــــانُ والنـّعَـمُ مَقّـــــــدَّمٌ بعـــــــدَ ذِكَـرِ اللــــــــه ذِكْرُهُــمُ * فـــــــي كـــــــلِّ بَدْءٍ ، ومَخـــــــتومٌ بِهِ الْكَلِمُ يَأبَـــــــى لهمْ أن يَحـــــــُلَّ الـذمُّ ساحتَهــم * خـــــــيمٌ كريمٌ ، وأيـــــــدٍ بالنَّدى هُضُـــــــــمُ أيُّ الخـــــــلائــقِ ليســـــــتْ فــي رقابهمُ * لأَوَّلـــــــِيَّــةِ هَــــــــذا أولُــــــــهُ نـــــــَعَـــــــمُ مَن يَعُــرِفِ اللــــــــه يَعْرِفْ أَوَّلِيّــــــَة ذا * أَلـــــــدِّيْنَ مِنْ بَـــــــيْتِ هَذا نَـــــــالَهُ الأُمَــــمُ هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ، فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة ، فبعث إليه علي بألف دينار فردها وقال : إنما قلت ما قلت غضباً لله ولرسوله ، فما آخذ عليه أجراً . فقال علي : نحن أهل بيت لا يعود إلينا ما أعطينا ، فقبلها الفرزدق وهجا هشاماً فقال : أَيحسبنــي بـــــين المــدينـة والتـي * إليها قلـوبُ الناس يَهــوي مُنِيبُهــا يًقَلِّبُ رأســاً لـم يكــــن رأسَ سَيْــدٍ * وعَيــــنــاً لـه حـولاءَ بــادٍ عُيوبُهـا فأُخبر هشامُ بذلك فأطلقه . ولكنه قطع راتبه من الديوان ، وكان ألف دينار سنويّاً ، فاشتكى إلى الإمام فأعطاه أربعين ألف دينار وقال له : لو كنت تحتاج إلى أكثر لأعطيتك. فعاش الفرزدق أربعين عاماً ثم مات رحمه اللـه تعالى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (5) المصدر : ( ص 280 ) . (6) المصدر : ( ص 182 ) .
| |
|