الجنس : عدد الرسائل : 6362 تاريخ التسجيل : 08/05/2008
موضوع: صفاتــه وكراماتــه الجمعة فبراير 08, 2013 12:53 pm
صفاتــه وكراماتــه يصفه بعض معاصريه : انَّه (ع) كان : أسمر، أعيــن، حسن القامة ، جميل الوجه، جيّد البدن ، حديث السن ، له هيبة وجلال (9) . وقد وصف جلاله وعظمة شأنه وزير البلاط العباسي في عصر المعتمد أحمد بن عبيد اللـه بن خـاقان مع انه كان يحقد على العلويين ويحاول الوقيعة بهم ، وصفه كما جاء في رواية الكليني فقال : ما رأيت ولا عرفت ، بسر من رأى ، من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا ، ولا سمعت بمثله ، في هديه وسكوته وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته والسلطان ، وجميع بني هاشم وتقديمهم إياه على ذوي السن منهم والحظ ، وكذلك القواد والوزراء والكتّاب وعوام الناس ، وما سألت عنه أحداً من بني هاشم والقواد والكتّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلاّ وجدته عندهم في غاية الاجلال والاعظام ، والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على أهل بيته ومشائخه وغيرهم ولم أر له ولياً ولا عدواً إلاّ ويحسن القول فيه والثناء عليه (10) . ووصفه الشاكري الذي لازم خدمته فقال : كان أستاذي صالحاً من بين العلويين ، لم أر قط مثله قال : وكان يركـب إلى دار الخـلافة بسر من رأى في كل اثنين وخميس قال : وكان يوم النوبة يحضر من الناس شيء عظيم . ويغص الشارعُ بالدواب والبغال والحمير والضجة ، فلا يكون لأحد موضع يمشي ولا يدخل بينهم . قال فإذا جاء أستاذي سكنت الضجة ، وهدأ صهيل الخيل ، ونهاق الحمير . وتفرقت البهائم حتى يصير الطريق واسعاً لا يحتاج ان يتوقى من الدواب نحفه ليـزحمـها ثـم يدخل فيجلس في مرتبته التي جعلت له فإذا أراد الخروج وصاح البوابون : هاتوا دابة أبي محمد ، سكن صياح الناس وصهيل الخيل ، وتفرقت الدواب ، حتى يركب ويمضي . وأضاف في صفة الإمام ، كان يجلس في المحراب ويسجد فأنام وانتبه وأنام ، وهو ساجد ، وكان قليل الأكل ، كان يحضره التين والعنب والخوخ وما شاكله فيأكل منه الواحدة واثنين ويقول شل هذا يا محمد إلى صبيانك ، فأقول هذا كله ، فيقول : خذه ، ما رأيت قط أسدى منه (11) . وعندما سجنه طاغية بني العباسي ، وقال بعض العباسيين للذي وكل بسجنه ( صالح بن وصيف ) : ضيّق عليه ولا توسع فقال له صالح : ما أصنع به ؟ وقد وكلت به رجلين شرّ من قدرت عليه ؛ فقد صارا من العبادة و الصلاة إلى أمر عظيم . ثم أمـر باحضـار الموكليـن . فقال لهما : ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل ، فقالا له : ما نقول في رجل يصوم نهاره ويقوم ليله كله ، ولا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا . وداخلنا مالا نملكه من أنفسنا (12) . وقـــد كان الجميع يعرفون قدره ومدى كرامته على ربه حتى ان المعتمد العباسي حينما بويع بالخلافة في تلك الظروف المضطربة التي لم يكن يلبث الخليفة سنة أو بعض سنة جاء إلى الإمام العسكري (ع) وطلب منه الدعاء له بالبقاء عشرين سنة ( وكان عنده تلك المدة طويلة جداً بالقياس إلى من سبقه ) فقال (ع) مدّ اللـه في عمرك فاجيب وتوفي بعد عشرين عاماً (13) . هذه واحدة من كرامات الإمام (ع) وقد حفلت كتب الحديث بكراماته التي تفيض عن حدود هذا الكتاب المختصر وإنما نسوق بعضها لنزداد معرفة بحقه ، وبأن أئمة الهدى نور واحد من ذرية طيبة بعضها من بعض اصطفاها اللـه لبلاغ رسالاته واتمام حجته ، واكمال نعمه علينا .. تعالوا نستمع معاً إلى الرواة كيف قصوا علينا تلك الكرامات : 1 - قال أبو هاشم ( أحد الرواة ) سـأل محمد بن صالح أبا محمد عن قوله تعالى : { لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْد } (الرُّوم/4) فقال (ع) - له الأمر من قبل ان يأمر به وله الأمر من بعد ان يأمر به مما يشاء ، فقلت في نفسي ، هذا قول اللـه : { أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالاَمْرُ تَبَارَكَ اللـه رَبُّ الْعَالَمِينَ } (الاعراف/54( فأقبل علي فقال : هو كما أسررت في نفسك { أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالاَمْرُ تَبَارَكَ اللـه رَبُّ الْعَالَمِينَ } قلت : أشهد انك حجة اللـه وابن حجته في خلقه (14) . 2 - قال احد الرواة ( علي بن زيد ) صحبت ابا محمد ، من دار العامة الى منزله ، فلما صار الى الدار واردت الانصراف قال : امهل فدخل ثم اذن لي فدخلت فأعطاني مائتي دينار وقال : اصرفي في ثمن جارية فان جاريتك فلانة قد ماتت وانت خرجـت من المنزل وعهدي بها انشط بما كانت ، فمضيت فإذا الغلام قال : ماتت جاريتك فلانة الساعة . قلت ما حالها ؟ قيل شربت ماء فشرقت فماتت (15) . 3 - وروي أبو هشـام الجعفـري وقـال : شكـوت إلى أبي محمد ( الإمام العسكري (ع) ) ضيق الحبس وشدة القيد ، فكتب إليّ : أنت تصلي الظهر في منزلك ، فاخرجت عن السجن وقت الظهر فصليت في منزلي (16) . 4 - وروى عن أبي حمزة نصير الخادم قال : سمعت أبا محمد (ع) غير مرة يكلم غلمانه وغيرهم بلغاتهم وفيهم روم وترك وصقالبة ، فتعجبت من ذلك وقلت هذا ولد بالمدينة ولم يظهر لأحد حتى قضى أبــــو الحسن ( أي والده الإمام الهادي عليه السلام ) ولا رآه أحد فكيف هذا ؟ أحدث بهذا نفسي ، فأقبل عــلــيّ وقـــال : ان اللـه بين حجته من بين سائر خلقه وأعطـاه معرفـــة كل شيء فهـــو يعرف اللغــات والأنســاب والحوادث ، ولولا ذلك لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق (17) . 5 - وسُلِّم الإمام إلى بعض أعوان الظلمة واسمه نحرير فقالت له امرأته : اتق اللـه ، فانك لا تدري من في منزلك ، وذكرت عبادته وصلاحه ، واني أخاف عليك منه ؟ فقال : لأرمينّه بين السباع ثم استأذن في ذلك ( من طغاته ) فأذن له ، ( وكانت هذه طريقة من طرق الاعدام في ذلك الزمان ) . فرمى به إليها ، ولم يشكوّا في أكلها له ، فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال ، فوجدوه قائماً يصلي ، وهي حوله ، فأمر باخراجه (18) . 6 - وروي عن الهمداني قال : كتبت إلى أبي محمد (ع) أسأله التبرك بان يدعـو ان أرزق ولـداً مـن بنـت عم لي ، فوقّع : رزقك اللـه ذكراناً فولد لي أربعة (19) . 7 - وروى العبدي قال : خلفت ابني بالبصرة عليلاً وكتبت إلى أبي محمد أسأله الدعاء لابني فكتب إلـــي : رحم اللـه ابنك ان كان مؤمناً قال الراوي : فورد علي كتاب من البصرة ان ابني مات في ذلك اليوم الذي كتب إليّ أبو محمد بموته ، وكان ابني شك في الامامة للاختلاف الذي جرى بين الشيعة (20) . 8 - وروى بعضهم : ان رجلاً من موالي أبي محمد العسكري (ع) دخل عليه يوماً وكان حكاك الفصوص فقال : يا ابن رسول اللـه : ان الخليفة دفع إليّ فيروزجاً أكبر ما يكون ، وقال انقش عليه كذا وكذا ، فلما وضعت عليه الحديد صـار نصفين وفيه هلاكي ، فادع اللـه لي ، فقال : لا خوف عليك إن شاء اللـه . قال : فخرجت إلى بيتي ، فلما كان من الغد دعاني الخليفة وقال لي : ان حظّيتين اختصمتا في ذلك الفص ، ولم ترضيا الا ان تجعل ذلك نصفين بينهما فاجعله .. وانصرفت وأخذت ( الفص ) وقد صار قطعتين فأخذتهما ورجعت بهما إلى دار الخـلافــة فرضيـتا بذلك ، وأحسـن الخليفـة إليَّ بسبب ذلك ، فحمـدت اللـه (21) . 9 - وروى بعضهم : عن محمد بن علي قال : ضاق بنا الأمر قال لي أبي : إمض بنا حتى نصير إلى هذا الرجل - يعني أبا محمد - فانه قد وصف عنه سماحتهُ . فقلت : تعرفه ؟ فقال لي ما أعرفه ولا رأيته قط ، قال : فقصدناه ، فقال أبي - وهـو في طريقـه - ما أحوجنا إلى ان يأمر لنا بخمس مائة درهم : مائتي درهم للكسوة ، ومائتي درهم للدقيق ومائة درهم للنفقة ، ( وقال محمد ابنه ) وقلت في نفسي ليته أمر لي بثلاث مائة درهم ، مائة اشتريت بها حماراً ، ومائة للنفقة ومائة للكسوة ، وأخرج إلى الجبل ( أطراف قزوين ) . فلما وافينا الباب خرج إلينا غلام وقال : يدخل علي بن إبراهيم ، وابنه محمد ، فلمـا دخلنا علـيه وسلمـنا قال لأبي : يا علي ما خلفك عنا إلى هذا الوقت ؟ قال : يا سيدي استحييت ان ألقاك على هذه الحال . فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي ، صرةّ وقال : هذه خمس مائة ، مائتان للكسوة ، ومائتان للدقيق ، ومائة للنفقة ، وأعطاني صرة . وقال هذه ثلاثة مائة درهم فاجعل مائة في ثمن حمار ، ومائة للكسوة ومائة للنفقة ، ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سورا ( أطراف بغداد ) (22) . 10 - وجاء في رواية مأثورة عن علي بن الحسن بن سابور انه قال : قحط الناس بـ ( سر من رأى ) في زمن الحسن الأخير ( الامام العسكري (ع) ) .. فأمر الخليفة الحاجب وأهل المملكة ان يخرجــــوا إلى الاستسقاء فخرجوا ثلاثة أيام متوالية إلى المصلى يدعون فما سُقــوا . فخرج ( حبر النصارى ) الجاثليق في اليوم الرابع ، ومعه النصارى والرهبان ، وكان فيهم راهب ، فلما مدّ يده هطلت السماء بالمطر فشك أكثر الناس وتعجبوا وصبوا إلى دين النصرانية . فأنفذ الخليفة إلى الحسن ( الإمام العسكري ) وكان محبوساً فاستخرجه من محبسته وقال : إلحق أمة جدك فقد هلكت ، فقال : اني خارج في الغد ومزيل الشك إن شاء اللـه تعالى . فخرج الجاثليق في اليوم الثالث (23) والرهبان معه وخرج الحسن في نفر من أصحابه فلما بصر بالراهب وقد مدّ يده أمر بعض ممالكيه ان يقبض على يده اليمنى ويأذذخذ ما بـين أصبعيـه ففعل ، وأخذ من بين سبابيته عظماً أسود . فاخذ الحسن بيده ثم قال : استسق الآن ، فاستسقى وكان السماء متغيماً فتقشعت وطلعت الشمس بيضاء . فقال الخليفة : ما هذا العظم يا أبا محمد قال (ع) : هذا رجل مرّ بقبر نبي من الأنبياء ، فوقع إلى يده هذا العظم ، وما كشف من عظم نبي إلاّ وهطلت السماء بالمطر (24) . 11 - وروى أبو يوسف الشاعر القصير - شاعر المتوكل - قال : ولد لي غلام وكنت مضيقاً فكتبت رقاعاً إلى جماعة استرفدهم ، فرجعت بالخيبة قال قلت : أجيء فأطوف حول الدار طوفة وصرت إلى الباب فخرج أبو حمزة ومعه صرة سوداء فيها أربع مائة درهم فقال : يقول لك سيدي انفق هذه على المولود بارك اللـه فيك (25) . 12 - قال أبو هاشم : كتب إليه بعض مواليه يسأله ان يعلمه دعاء فكتب إليه ان ادع بهذا الدعاء " يا أسمع السامعين ، ويا أبصر المبصرين ، ويا عزّ الناظرين ، يا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين ، صل على محمد وآل محمد ، واوسع لي في رزقي ومدّ في عمري . وامنن عليّ برحمتك واجعلني ممن تنتصر به لدينك ولا تستبدل بي غيري " . قال أبو هاشم : فقلت في نفسي ، اللـهم اجعلني في حزبك وفي زمرتك ، فاقبل عليّ أبو محمد فقال : أنت في حزبه وفي زمرته : إذا كنت باللـه مؤمناً ولرسوله مصدقاً ، ولأوليائه عارفاً ، ولهم تابعاً ، فابشر ثم أبشر (26) . تلك كانت نبذة منتقاة من كرامات الإمام (ع) .. وهناك الكثير الكثير مما لا تسعه هذه الأوراق . واكثر منها بكثير مما لم تنقله الرواة .. وهي الدلالة الشاهدة التي جعلت الناس يؤمنون بانه الوصي حقاً لرسول اللـه ، والإمام المعصوم من ذريته . وقد تحدثنا في كتب سبقت عن أئمة الهدى . جانباً من حكمة ظهور هذه الكرامات على أيديهم الطاهرة . ــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار : ( ج 50 ، ص 236 ) . (2) المصدر . (3) المصدر : ( ص 240 ) . (4) المصدر : ( ص 242 ) . (5) المصدر : ( ص 244 ) . (6) المصدر : ( ص 245 ) . (7) المصدر : ( ص 239 ) . ( المصدر : ( ص 236 ) . (9) سيرة الأئمة الاثنى عشر : ( ص 490 ) . (10) المصدر : ( ص 482 ) . (11) بحار الأنوار : ( ج 50 ، ص 253 ) . (12) المصدر : ( ص 309 ) . (13) والمعتمد استخلف أكثر من ذلك ولعله بعد عدة من خلافته طلب من الإمام ذلك ، المصدر : (ص309) . (14) المصدر : ( ص 257 ) . (15) المصدر : ( ص 264 ) . (16) المصدر : ( ص 267 ) . (17) المصدر : ( ص 268 ) . (18) المصدر : ( ص 268 ) . (19) المصدر : ( ص 269 ) (20) المصدر : ( ص 274 ) . (21) المصدر : ( ص 276 ) . (22) المصدر . (23) أي اليوم الخامس أو الثالث ، بعد خروج النصارى ، وهو السادس منذ البدء بالاستسقاء . (24) المصدر : ( ص 271 ) . (25) المصدر : ( ص 294 ) . (26) المصدر : ( ص 299 ) .