منتديات قرية الطريبيل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات قرية الطريبيل

إسلامي - علمي - تربوي - ثقافي- مناسبات - منوعات
 
الرئيسيةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 في كربلاء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الإدارة
عضو ذهبي ممتاز
عضو ذهبي ممتاز
الإدارة


الجنس : ذكر
عدد الرسائل : 6362
تاريخ التسجيل : 08/05/2008

في كربلاء  Empty
مُساهمةموضوع: في كربلاء    في كربلاء  Emptyالجمعة فبراير 08, 2013 1:43 pm


في كربلاء
وكان ركب الاِمام في كربلاء فأصرّ عليه الحرّ أن ينزل فيها ، ولم يجد الاِمام بُدّاً من النزول فالتفت إلى أصحابه قائلاً:
« ما اسم هذا المكان ؟. . ».
« كربلاء.. ».
وفاضت عيناه بالدموع ، وراح يقول:
« اللهمّ إنّي أعوذ بك من الكرب والبلاء.. ».
وأيقن الاِمام بنزول الرزء القاصم ، فالتفت إلى أصحابه ينعي إليهم نفسه ونفوسهم قائلاً:
« هذا موضع كرب وبلاء ، ها هنا مناخ ركابنا ، ومحطّ رحالنا ، وسفك دمائنا.. ».
وسارع أبوالفضل العباس مع الفتية من أهل البيت عليهم السلام ، وسائر الاَصحاب الممجدين إلى نصب الخيام لعقائل الوحي ، ومخدرات النبوة ، وقد خيّم عليهنّ الرعب ، وأيقن بمواجهة الاَحداث الرهيبة على صعيد هذه الاَرض.
ورفع الاِمام الممتحن يديه بالدعاء إلى الله شاكياً إليه ما ألمّ به من عظيم المحن والخطوب قائلاً:
« اللهمّ.. انّا عترة نبيّك محمد ( صلى الله عليه وآله ) قد أخرجنا ، وطردنا ، وأزعجنا عن حرم جدّنا وتعدّت بنو أميّة علينا ، اللهمّ فخذ لنا بحقّنا ، وانصرنا على القوم الظالمين.. ».
وأقبل الاِمام على أهل بيته وأصحابه ، فقال لهم:
« الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معائشهم فإذا مُحصوا بالبلاء قلَّ الديّانون.. ».
يا لها من كلمات ذهبية حكت واقع الناس واتجاهاتهم في جميع مراحل التأريخ فهم عبيد الدنيا ، وعبيد السلطة ، وأما الدين والمثل العليا فلا ظلّ لها في أعماق نفوسهم ، فإذا دهمتهم عاصفة أو بلاء هربوا من الدين ، ولم يثبت عليه إلاّ من امتحن الله قلبه للاِيمان أمثال الصفوة العظيمة من أهل بيت الحسين وأصحابه.
ثم حمد الامام ( عليه السلام ) الله وأثنى عليه ، والتفت إلى أصحابه قائلاً:
« أمّا بعد: فقد نزل بنا ما قد ترون. وان الدنيا قد تغيّرت ، وتنكّرت ، وأدبر معروفها ولم يبق منها إلاّ صبابة كصبابة الاِناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل(1) ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله ، فاني لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برما.. ».
لقد أعلن أبو الاَحرار بهذا الخطاب عمّا حلّ به من المحن والبلوى ، وأعلم أهل بيته وأصحابه عن عزمه الجبّار وأرادته الصلبة في مقارعة الباطل ، واقامة الحق الذي آمن به في جميع أدوار حياته... وقد وجه إليهم هذا الخطاب ليكونوا على بيّنة من أمرهم ، ويشاركوه في تحمّل المسؤولية ، وقد هبّوا جميعاً وهم يسجّلون في تأريخ البشرية أروع الاَمثلة للتضحية والفداء من أجل إقامة دولة الاِسلام ، وكان أول من تكلّم منهم زهير بن القين وهو من أفذاذ الاَحرار فقال له:
« سمعنا يا بن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مقالتك ، ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنّا فيها مخلّدين لآثرنا النهوض معك على الاِقامة فيها.. ».
ومثلت هذه الكلمات شرف الاِنسان الذي لا يضاهيه شرف ، وقد حكى ما في نفوس أصحابه الاَحرار من الولاء لريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والتفاني في سبيله ، وانبرى بطل آخر من أصحاب الاِمام وهو برير الذي وهب حياته لله ، فقال له:
يا بن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك ، وتقطع فيك أعضاؤنا ، ثم يكون جدّك شفيعنا يوم القيامة.. ».
ولا يوجد في البشرية مثل هذا الاِيمان الخالص ، لقد أيقن أن نصرته لابن رسول الله ( صلى الله عليه آلة)
فضل ومنّة من الله عليه ليفوز بشفاعة جدّه الاَعظم يوم يلقى الله.
وانبرى بطل آخر من أصحاب الاِمام ، وهو نافع فأعلن نفس المصير الذي اختاره الاَبطال من أصحابه ، فقال:
« أنت تعلم أن جدّك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لم يقدر أن يشرب الناس محبّته ، ولا أن يرجعوا إلى أمره ما أحبّ ، وقد كان منهم منافقون يعدونه بالنصر ، ويضمرون له الغدر ، يلقونه بأحلى من العسل ، ويخلفونه بأمرّ من الحنظل ، حتى قبضه الله إليه ، وان أباك عليّاً كان في مثل ذلك ، فقوم قد أجمعوا على نصره ، وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين ، حتى أتاه أجله فمضى إلى رحمة الله ورضوانه وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة ، فمن نكث عهده ، وخلع بيعته فلن يضرّ إلاّ نفسه ، فسر بنا راشداً معافى ، مشرقاً ، ان شئت أو مغرباً ، فوالله ما اشفقنا من قدر الله ، ولا كرهنا لقاء ربّنا ، وإنّا على نيّاتنا وبصائرنا ، نوالي من والاك ونعادي من عاداك.. ».
دلّ هذا الخطاب الرائع على وعي نافع ، وإدراكه العميق للاَحداث ودراسته لاَبعادها فقد أعرب أن الرسول الاَعظم ( صلى الله عليه وآله ) بما يملك من طاقات روحية لم يستطع أن يجمع الناس على محبّته ، ويخضعهم إلى الاِيمان برسالته ، فقد كان هناك طائفة من المنافقين انتشروا في صفوف المسلمين ، وهم يضمرون الكفر في دخائل نفوسهم ويظهرون الاِسلام على ألسنتهم ، وكانوا يبغون للنبيّ ( صلى الله عليه وآله ) الغوائل ويكيدون له في غلس الليل وفي وضح النهار ، وكذلك حال وصيّه وباب مدينة علمه الاِمام أمير المؤمنين من بعده فقد ابتلي بمثل ما ابتلي به النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) فقد آمن به قوم وحاربه قوم آخرون ، وحال الاِمام الحسين ( عليه السلام ) كحال جدّه وأبيه ، فقد آمنت به قلّة مؤمنة من أصحابه ،
وزحفت لحربه الجموع الهائلة من الذين نزع الله الاِيمان من قلوبهم.
وعلى أيّ حال فقد تكلّم أكثر أصحاب الاِمام بمثل كلام نافع وهم يعلنون له الاِخلاص والتفاني ، وقد شكرهم الامام ، وأثنى عليهم ، ودعا لهم بالمغفرة والرضوان.
خروج الجيوش لحرب الاِمام الحسين
وتمّت أحلام ابن مرجانة ، وتحققت آماله حينما استولت طليعة جيوشه على ريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأخذ يطيل النظر فيمن ينتدبه لحربه ، ويرشّحه لقيادة قوّاته المسلّحة ، وتصفح الاَرجاس من أذنابه وعملائه ، فلم ير رجساً مثل عمر بن سعد يقدم على اقتراف هذه الجريمة فقد درس نفسيته ، ووقف على ميوله واتجاهاته التي منها الخنوع والمروق من الدين ، وعدم المبالاة بارتكاب الآثام والجرائم ، والتهالك على المادة وغير ذلك من نزعاته الشريرة.
وعرض ابن مرجانة سليل الاَدعياء على ابن سعد القيام بحرب سبط رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فامتنع عن إجابته فهدده بعزله عن ولاية الريّ فلم يطق صبراً عنها ، فقد سال لها لعابه فأجابه إلى ذلك ، وزحف إلى كربلاء ، ومعه أربعة آلاف فارس ، وهو يعلم أنّه خرج لقتال ذريّة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الذين هم خيرة من في الاَرض ، وانتهى الجيش إلى كربلاء فانظم إلى الجيش الرابض هناك بقيادة الحرّ بن يزيد الرياحي.
خطبة ابن زياد
وأمر الطاغية بجمع الناس في رحاب المسجد الاَعظم فهرعوا كالاَغنام خوفاً من ابن مرجانة ، وقد امتلاَ الجامع منهم فقام خطيباً فقال:
« أيّها الناس: إنّكم قد بلوتم آل أبي سفيان فوجدتموهم كما تحبّون ، وهذا أمير المؤمنين يزيد ، قد عرفتموه حسن السيرة ، محمود الطريقة ، محسناً إلى الرعية ، يعطي العطاء في حقّه ، وقد أمنت السبل على عهده ، وكذلك كان أبوه معاوية في عصره ، وهذا ابنه يزيد يكرم العباد ، ويغنيهم بالاَموال ، وقد زادكم في أرزاقكم مائة مائة ، وأمرني أن أقّرؤها عليكم ، واخرجكم إلى حرب عدوّه الحسين فاسمعوا له وأطيعوا.. ».
لقد خاطبهم باللغة التي يفهمونها ، ويتهالكون عليها ، ويقدمون أرواحهم بسخاء في سبيلها ، وهي المادة التي هاموا بحبها ، وقد أجابوه إلى ما أراد فزجّهم لاقتراف أفظع جريمة في تأريخ البشرية.
واسند القيادة في بعض قطعات جيشه إلى كل من الحصين بن نمير ، وحجار بن أبجر ، وشمر بن ذي الجوشن ، وشبث بن ربعي ، وغيرهم ، وقد زحفوا بمن معهم إلى كربلاء لمساعدة ابن سعد.
احتلال الفرات
وقامت العصابة المجرمة التي تحمل شرور أهل الاَرض وخبثهم باحتلال الفرات ، ولم تبق شريعة أو منفذ إلاّ وقد وضع عليها الحرس ، وقد صدرت إليهم الاَوامر المشدّدة من قبل القيادة العامة بالحذر واليقظة كي لا تصل قطرة من الماء إلى عترة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الذين هم من خيرة ما خلق الله.
ويقول المؤرّخون: حيل بين الحسين والماء قبل قتله بثلاثة أيّام وكان ذلك من أعظم ما عاناه الاِمام من المحن والخطوب ، فكان يسمع صراخ أطفاله ، وهم ينادون: العطش ، العطش ، وذاب قلب الاِمام حناناً ورحمة لذلك المشهد الرهيب ، فقد ذبلت شفاه أطفاله ، وذوي عودهم ، وجفّ لبن المراضع ، وصوّر أنور الجندي هذا المنظر المفجع بقوله:
وذئـاب الشـرور تنـعـم بالمـاء وأهــل النبـيّ مـن غير مـاء
يالظلـم الاَقـدار يظمأ قلـب الليث والليــث مـوثــق الاَعضـاء
وصغار الحسين يبكون في الصحراء يا ربّ أيـن غــوث القضـاء
لقد نزع الله الرحمة من قلوبهم ، فتنكّروا لاِنسانيتهم ، وتنكّروا لجميع القيم والاَعراف ، فان جميع الشرائع والمذاهب لا تبيح منع الماء عن النساء والاَطفال فالناس فيه جميعاً شركاء ، وقد أكّدت ذلك الشريعة الاِسلامية ، واعتبرته حقاً طبيعياً لكل إنسان ، ولكن الجيش الاَموي لم يحفل بذلك ، فحرم الماء على آل النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) وكان بعض الممسوخين يتباهى ويفخر لحرمانهم الحسين من الماء ، فقد انبرى الوغد اللئيم المهاجر بن أوس صوب الامام رافعاً صوته قائلاً:
« يا حسين ألا ترى الماء يلوح كأنّه بطون الحيات ، والله لا تذوقه أو تموت دونه.. ».
واشتدّ عمرو بن الحجاج نحو الحسين ، وهو فرح كأنّما ظفر بمكسب أو مغنم قائلاً:
« يا حسين هذا الفرات تلغ فيه الكلاب ، وتشرب فيه الحمير والخنازير ، والله لا تذوق منه جرعة حتى تذوق الحميم في نار جهنّم.. ».
وكان هذا الوغد الاَثيم ممن كاتب الاِمام الحسين ( عليه السلام ) بالقدوم إلى الكوفة.
وانبرى جلف آخر من أوغاد أهل الكوفة وهو عبدالله بن الحصين الاَزدي فنادى بأعلى صوته لتسمعه مخابرات ابن مرجانة فينال منه جوائزه وهباته ، قائلاً:
« يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبد السماء ، والله لا تذوق منه قطرة
حتى تموت عطشاً.. ».
فرفع الاِمام يديه بالدعاء عليه قائلاً:
« اللهمّ اقتله عطشاً ، ولا تغفر له أبداً.. ».
لقد تمادى هؤلاء الممسوخون بالشرّ ، وسقطوا في هوّة سحيقة من الجرائم والآثام ما لها من قرار.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turaibel.mam9.com
 
في كربلاء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قرية الطريبيل :: الاقـسـام الاسـلامـيـة :: منتدى أهل البيت عليهم السلام :: منتدى الكفيل ابا الفضل العباس عليه السلام-
انتقل الى: