منتديات قرية الطريبيل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات قرية الطريبيل

إسلامي - علمي - تربوي - ثقافي- مناسبات - منوعات
 
الرئيسيةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 زينب عليها السلام جبل الصبر وصرخة الحق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الإدارة
عضو ذهبي ممتاز
عضو ذهبي ممتاز
الإدارة


الجنس : ذكر
عدد الرسائل : 6362
تاريخ التسجيل : 08/05/2008

زينب عليها السلام جبل الصبر وصرخة الحق Empty
مُساهمةموضوع: زينب عليها السلام جبل الصبر وصرخة الحق   زينب عليها السلام جبل الصبر وصرخة الحق Emptyالأربعاء فبراير 13, 2013 7:06 am


زينب عليها السلام جبل الصبر وصرخة الحق

المناقب والكمالات هي صفة ذاتية متجذرة في سلوك العظماء، وليست هي صفة طارئة تلوكها ألسنة المتملقين لكسب بعض الدريهمات الزائفة، وهذه الكمالات هي ملكة تنعكس من خلال السلوك والسيرة الذاتية للإنسان. والملكة وعدمها هي صفة يمكن أن تطلق على الشخص الذي يحمل القابلية على الشيء، أما إطلاقها في غير محلها، فهي بمثابة وصفك الحجر بالعمى، وهو سالب بانتفاء موضوعه،


لأن الحجر لا يملك قابلية الرؤية حتى تصفه بتلك الصفة.
هذا هو الفرق بين العظيم (صاحب الملكة) الذي تصفه للاستنارة، والوضيع (عديم الملكة) الذي تمتدحه للاستفادة، الأول لا يهمه من امتدحه، بينما الثاني ينتشي فرحاً ويمتلأ غروراً بمدحه والإطراء عليه.
والحديث عن الحوراء زينب (عليها السلام) هو من النوع الأول، هدفه الغوص في بحر حياتها المتلاطم، واقتناء الجواهر والكنوز الخفية من ذلك الصدف المتلألئ.
والإنسان إنما يقف عاجزاً أمام هذا البحر المترامي الأطراف، المليء بالمعارف والصبر والجلد والعظمة والفصاحة ورباطة الجأش وكل تلك الفضائل والكرامات، وعندما نتناول شخصيتها فإننا ننطلق من باب (مالا يدرك كله لا يترك جله) فهي محاولة لإعطاء صورة واضحة عن خير قدوة وأسوة للنساء المؤمنات، بل خير مقتدى ومهتدى لكل امرأة تبحث عن الحقيقة والسعادة في الحياة.
نفعل كل ذلك، لعلنا نرتشف من معين معارفها الدروس والعبر، لتنير لنا الدرب في ظلمات عصرنا المادي الكالح، علاوة على أن تصفّح بعض ملفات حياتها نوعاً من أفضل أنواع العبادة، وسبل التقرب إلى الله سبحانه، لأنه اطلاع على حياة سيدة من أفضل سيدات العالم برمته، بعد أمها البتول (عليها السلام) - طبعاً - فهي سيدة الكون الأولى بلا منازع، باعتراف الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بذلك حينما قرر أكثر من مرة بأن فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.
فرحة مشوبة بالحزن
كانت ولادة السيدة الطاهرة زينب (عليها السلام) في الخامس من شهر جمادى الأولى، في السنة السادسة للهجرة، وهو المشهور على ما حققه بعض الأفاضل، وهناك أقوال أخرى في تحديد يوم وعام ميلادها المبارك (1)، وتلقى البيت العلوي نبأ الولادة بكل غبطة وسرور، وهي الطفل الثالث بعد الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، والبنت الأولى للإمام علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء (عليهما السلام).
ومازال أهل بيت النبوة تغمرهم الفرحة حتى ترامى نبأ الولادة مسمع النبي الكريم (صلى الله عليه وآله)، فأتى منزل ابنته فاطمة، وقال: يا بنيّه إيتيني ببنتك المولودة. فلمّا أحضرتها أخذها النبي وضمها إلى صدره الشريف، ووضع خدّه على خدّها فبكى بكاءً شديداً عالياً، وسالت دموعه على خدّيه. فقالت فاطمة: ممّ بكاؤك، لا أبكى الله عينك يا أبتاه؟ فقال: يا بنتاه يا فاطمة، إنّ هذه البنت ستبتلى ببلايا وترد عليها مصائب شتى، يا بضعتي وقرّة عيني، إنّ من بكى عليها، وعلى مصائبها يكون ثوابه كثواب من بكى على أخويها(2).
ثمّ سمّاها زينب، والزينب شجر حسن المنظر، طيب الرائحة، وبه سميت المرأة(3)، فكانت ولادتها بحق فرحة مشوبة بالحزن.
بنت مَن !
أبوها: أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم، أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ابن عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، الذي رباه (صلّى الله عليه وآله) طفلاً، وعلمه علم ما كان وما يكون شاباً، ونصبه من بعده علماً لأمته كهلاً، وفضائله لا تحصى، ومناقبه لا تستقصى، وبحار علمه لا تنزف، وأطواد حلمه لا تتزعزع، أعلم الناس بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأحلمهم، وأجودهم وأكرمهم، وأزهدهم وأشجعهم، وأعبدهم وأوفاهم، وأورعهم وأقضاهم.
أمها. . الزهراء وكفى
أمها: البضعة الطاهرة، سيدة نساء العالمين، الصديقة الكبرى، فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت رسول الله محمد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله) بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، تزوجها أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد الهجرة بسنة واحدة. وتوفيت بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بخمس وتسعين يوماً، على أصح الأقوال، وفضائلها (عليها السلام) كثيرة، ومناقبها لا تعد ولا تحصى، ويكفيها فخراً أنها بضعة الرسول، ووعاء يمتزج فيه فلاح الرسالة بطهر الإمامة، وأن الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها، كما قلدها رسول الله بهذا الوسام الشريف ولا شرف يضاهيه ولا مقام يدانيه.
شجرة طيبة بعضها من بعض
إخوتها وأخواتها الذين هم من غير الصديقة الطاهرة فاطمة (صلوات الله عليها)، فأولهم: محمد بن الحنفية، وكنيته أبو القاسم، وقيل: أبو عبد الله، وهو من الطبقة الأولى من التابعين، ولد بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)(4). وقال الزهري: كان محمد من أعقل الناس وأشجعهم، معتزلاً عن الفتن وما كان فيه الناس. وكان محمد بن الحنفية أورع الناس وأتقاهم بعد أئمة الدين، وكان عالماً عابداً متكلماً فقيهاً، زاهداً شجاعاً كريماً، خدم والده الكرار وأخويه السبطين (عليهم السلام) خدمة صادقة، شهد حروب والده، وأبلى مع أخيه الحسن بلاءً حسناً.
ومن إخوتها: العباس وعبد الله وجعفر وعثمان، أمهم أم البنين فاطمة ابنة حزام الكلابية، تزوجها علي (عليه السلام) بإشارة أخيه عقيل - وكان عالماً بأنساب العرب وأخبارهم، وكانت من النساء الفاضلات العارفات بحق أهل البيت (عليهم السلام)، كما كانت فصيحة بليغة لسنة، ورعة ذات زهد وتقى وعبادة، ولإكبارها وجلالتها زارتها زينب الكبرى بعد منصرفها من واقعة الطف، كما كانت تزورها أيام العيد.
ومن إخوتها، محمد الأوسط، وأمه إمامة بنت أبي العاص، ومحمد هذا قتل مع أخيه الحسين (عليه السلام) يوم الطف.
ومنهم: عمر ورقية الصغرى، وأمهما أم حبيب بنت ربيعة التبلغي، وكانت تسمى الصهباء، وقيل: ولد عمر وأخته توأمين وعاشا. وقال الطبرسي في الإعلام: كانت رقية بنت علي (عليه السلام) عند مسلم بن عقيل، فولدت له عبد الله بن مسلم قتل يوم الطف، وعلياً ومحمداً ابني مسلم.
ومنهم: يحيى وعون وأبو بكر وعبيد الله وزينب الصغرى ورقية الصغرى وكنيتها أم كلثوم، وكانت الأولى منهما عند محمد بن عقيل، فولدت له عبد الله، وفيه العقب من ذرية عقيل. وكانت الثانية عند عبد الرحمن بن عقيل، فولدت له سعداً وعقيلاً.
ومن أخواتها: بنت ماتت وهي صغيرة، قيل: اسمها خديجة، أمها محياة بنت امرئ القيس الكلابية. ومن إخوتها وأخواتها لأمهات شتى: عمران، قيل أصيب جريحاً في النهروان، ومات في بابل وقبره يزار هناك. ورملة، زوّجها أبوها من أبي الهياج عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. وأم هاني تزوجها عبد الله الأكبر بن عقيل بن أبي طالب، فولدت له محمداً، قتل يوم الطف.
وعبد الرحمن وميمونة كانت عند عقيل بن عبد الله بن عقيل. وإمامة كانت عند الصلت بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وولدت له نفيسة، وتوفيت عنده.
وفاطمة كانت عند أبي سعيد بن عقيل، فولدت له حميدة، وعاشت فاطمة هذه حتى رأت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، وقد رويت عنها أحاديث، وهي التي أرسلت جابر بن عبد الله الأنصاري لتسلية علي بن الحسين من البكاء. هؤلاء إخوة وأخوات زينب (عليها السلام) كما جاء في كتب التراجم والسير.
عبد الله بن جعفر. . الكفؤ المبارك
لمّا بلغت السيدة زينب (عليها السلام) مبلغ النساء، خطبها ابن عمها: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وحصلت الموافقة على الزواج، وأنجبت منه عليّاً، وعوناً الأكبر، ومحمداً، وعبّاساً، وأم كلثوم(5). وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يرغب أن يزوّج بناته من أبناء عمومتهنّ وهم أولاد عقيل وأولاد جعفر، ولعل السبب في ذلك هو كلام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حين نظر إلى أولاد الإمام علي وأولاد جعفر بن أبي طالب، فقال: بناتنا لبنينا، وبنونا لبناتنا(6). وكانت النتيجة أن تلك الوصلة أينعت تلك الشجرة الطيبة التي ورثت المجد والعلى من الجانبين، فالحوراء غنية عن التعريف، وعبد الله كان شخصّية لامعة في عصره، وكان من الأجواد، ولمّا ولدته أمّه أسماء بنت عميس بالحبشة، ولد - بعد ذلك بأيام - للنجاشي ولد فسمّاه عبد الله، تبرّكاً باسمه، وأرضعت أسماء عبد الله بن النجاشي بلبن ابنها عبد الله(7).
وجاء في المصدر نفسه: حدثنا الواقدي، عن محمد بن مسلم، عن يحيى بن أبي يعلى، قال: سمعت عبد الله بن جعفر يقول: أنا أحفظ حين دخل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على أمي فنعى إليها أبي، فأنظر إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي، وعيناه تذرفان بالدموع حتى تقطر لحيته. ثم قال: اللهم إنّ جعفراً قد قدم إلى أحسن الثواب، فاخلفه في ذرّيته بأحسن ما خلفت أحداً من عبادك في ذرّيته(Cool.
والسؤال الذي يقدح في الذهن، لماذا لم يخرج عبد الله مع الإمام الحسين (عليه السلام) في رحلته إلى العراق؟ في معرض الإجابة عن هذا السؤال، لعله أراد الإمام الحسين أن تبقى بقية من أهل البيت في المدينة المنورة، لكي لاتصل بنو أمية إلى مبتغاهم في استئصال شأفة آل الرسول المباركة من الوجود. وهناك احتمال آخر ذكره بعض المؤرخين: أن عبد الله بن جعفر كان قد فقد بصره قبل رحلة كربلاء، وهو وجيه لعدم الذهاب إلى كربلاء بشرط صحته تاريخيا.
أما أولاده محمد وعون فقد استشهدا في نصرة خالهما الإمام الحسين (عليه السلام) في واقعة الطف بكربلاء. وأما أم كلثوم فقد تزوّج بها بن عمها القاسم بن محمد بن جعفر، وقد استشهد أيضاً في كربلاء.
درة يتيمة في نشأة قدسية
التربية هي من أهم الأمور للأطفال الذين يراد تثقيفهم وتهذيبهم وتأديبهم على الوجه الصحيح، لأنها أساس كل فضيلة، ودعامة كل منقبة، وأول شيء يحتاج إليه في التربية هو اختيار المربي الكامل العامل بالدروس التي يلقيها على من يراد تربيته، ولذلك ترى الأمم الناهضة في كل دور من أدوار التاريخ ينتخبون لتربية ناشئتهم من يرون فيه الكفاءة والمقدرة، من ذوي الأخلاق الفاضلة والصفات الكاملة، علماً منهم أنّ الناشئ يتخلق بأخلاق مربيه، ويتأدب بآدابه مهما كانت.
ولقد كانت نشأة هذه الظاهرة الكريمة، وتربية تلك الدرة اليتيمة، زينب (عليها السلام)، في حضن النبوة، ودرجت في بيت الرسالة، ورضعت لبان الوحي من ثدي الزهراء البتول، وغذيت بغذاء الكرامة من كفّ ابن عم الرسول، فنشأت نشأة قدسية، وربيت تربية روحانية، متجلببة جلابيب الجلال والعظمة، متردية رداء العفاف والحشمة، فالخمسة أصحاب العباء (عليهم السلام) هم الذين قاموا بتربيتها وتثقيفها وتهذيبها، وكفاك بهم مؤدبين ومعلمين.
ولما غربت شمس الرسالة، وغابت الأنوار الفاطمية، تزوج أمير المؤمنين بإمامة بنت أبي العاص - وأمها زينب ربيبة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بوصية من فاطمة (عليها السلام)، إذ قالت: وأوصيك أن تتزوج بإمامة بنت أختي زينب، تكون لولدي مثلي. قامت إمامة بشؤون زينب خير قيام، كما كانت تقوم بشؤون بقية ولد فاطمة، وكانت إمامة هذه من النساء الصالحات القانتات العابدات.
وكانت زينب (عليها السلام) تأخذ التربية الصالحة والتأديب القويم من والدها الكرار وأخويها الكريمين الحسن والحسين (عليهم السلام)، إلى أن بلغت من العلم والفضل والكمال مبلغاً عظيماً.
شرفاً ليس من بعده شرف
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): كلّ بني أمّ ينتمون إلى عصبتهم، إلاّ ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم (9)، وقد روي هذا الحديث بالإسناد إلى فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) عن فاطمة الكبرى (عليها السلام) بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ورواه الطبراني وغيره بأسانيدهم المختلفة (10) عنه (صلّى الله عليه وآله): أنّ الله عز وجل جعل ذرية كلّ نبي في صلبه، وأنّ الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب، والروايات بهذا المعنى كثيرة.
وهذا الشرف الحاصل لزينب (عليها السلام) شرف لا مزيد عليه. فإذا ضممنا إلى ذلك أنّ أباها علي المرتضى، وأمها فاطمة الزهراء، وجدتها خديجة الكبرى، وعمها جعفر الطيار في الجنة، وعمتها أم هاني بنت أبي طالب، وأخواها سيدا شباب أهل الجنة، وأخوالها وخالاتها أبناء رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فماذا يكون هذا الشرف؟ وإلى أين ينتهي شأوه ويبلغ مداه؟!
وإذا ضممنا إلى ذلك أيضاً علمها وفضلها وتقواها وكمالها وزهدها وورعها وكثرة عبادتها ومعرفتها بالله تعالى، كان شرفها شرفاً خاصاً بها وبأمثالها من أهل بيتها، ومجدها مجداً مؤثلا لا يليق إلا بها وبهم (عليهم الس لام). ومما زاد في شرفها ومجدها أن الخمسة الطاهرة أهل العباء (عليهم السلام) كانوا يحبونها حباً شديداً.
حدّث يحيى المازني قال: كنت في جوار أمير المؤمنين (عليه السلام) في المدينة مدة مديدة وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تخرج ليلاً والحسن على يمينها والحسين على شمالها وأمير المؤمنين أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن مرة عن ذلك، فقال: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب.
وورد عن بعض المطلعين: أنّ الحسن (عليه السلام) لما وضع الطشت بين يديه وصار يقذف كبده سمع بأن أخته زينب تريد الدخول عليه، أمر - وهو في تلك الحال - برفع الطشت إشفاقاً عليها.
وجاء في بعض الأخبار: أن الحسين (عليه السلام) كان إذا زارته زينب يقوم إجلالاً لها، وكان يجلسها في مكانه.
كما جاء ذكر زينب (عليها السلام) في أحاديث نبوية شريفة، منها: الحديث الذي ذكره الشيخ سليمان الحنفي في كتابه (ينابيع المودة) في الباب الثامن والخمسين، عن ربيعة السعدي قال: أتيت حذيفة (رحمه الله) فسألته عن أشياء فقال: اسمع مني وعه وبلغ الناس: أني رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وسمعته بأذني وقد جاء الحسين بن علي (عليهما السلام) على المنبر، فجعله على منكبيه ثم قال: أيها الناس هذا الحسين خير الناس جداً وجدّةً، جدّه رسول الله سيد ولد آدم، وجدته خديجة سابقة إلى الإيمان من كلّ الأمة، وهذا الحسين خير الناس خالاً وخالةً، خاله القاسم وعبد الله وإبراهيم، وخالته زينب ورقية وأم كلثوم، وهذا الحسين خير الناس عماً وعمة، عمه حمزة وجعفر وعقيل، وعمته أم هاني، وهذا الحسين خير الناس أباً وأماً وأخاً وأختاً، أبوه علي، وأمه فاطمة، وأخوه الحسن، وأخته زينب ورقية، ثمّ وضعه عن منكبه فأجلسه في جنبه فقال: أيها الناس هذا الحسين جدّه في الجنة، وجدّته في الجنة، وأخواله في الجنة، وخالاته في الجنة، وأعمامه في الجنة، وعماته في الجنة، وأبوه في الجنة، وأمه في الجنة، وأخوه في الجنة، وأختاه في الجنة، وهو في الجنة، ثمّ قال: يا أيها الناس إنه لم يعط أحد من ذرية الأنبياء الماضين ما اعطي الحسين بن علي، خلا يوسف ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، يا أيها الناس إنّ الفضل والشرف والمنزلة والولاية لرسول الله وذريته، فلا تذهبن بكم الأباطيل.
سلام على قلبها الصبور
إن المصائب التي ألمت بالصديقة زينب الكبرى ابنة علي في كربلاء مصائب متنوعة، ولولا قلبها الصبور ولسانها الشكور وإيمانها الراسخ وتربيتها الفريدة، لانهارت واستسلمت للأقدار، بيد أن ابنة علي (عليه السلام) قد ذوّبت كل المصائب المتكالبة عليها بكل جرأة ورباطة جأش وشجاعة منقطعة النظير، والرزايا التي انصبّت عليها صبّاً كثيرة ومتنوّعة نذكر منها: ما رأته أول ما نزلت في كربلاء من معارضة الحر وإجبار أخيها (عليه السلام) على النزول. و ما شاهدته من القلة في أصحاب أخيها وكثرة جيوش الأعداء. و ما شاهدته من تفرق من كان مع أخيها وذهاب الأكثر ممن تبعه حين خطبهم بخطبته المشهورة بعد ما بلغه خبر قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة (رضي الله عنهما). فتفرق الناس عنه يميناً وشمالاً، حتى لم يبق إلا الذين قتلوا معه. و ما كانت تشاهده من اضطراب النساء وخوفهن حين نزلوا كربلاء. و ما شاهدته من عطشها وعطش أهل بيتها عندما منعهم القوم الماء. و ما كانت تقوم به من مداراة الأطفال والنساء وهم في صراخ وعويل من العطش.
و حين شاهدت إخوانها وبني إخوانها وبني عمومتها وشيعة أخيها يبارزون، ويقتل الواحد منهم بعد الواحد. وما شاهدته من مقتل ولديها. وحين شاهدت أخاها الحسين (عليه السلام) وحيداً فريداً لا ناصر له ولا معين وقد أحاط به الأعداء من كل جانب ومكان. وحين شاهدت رأس أخيها على الرمح دامي الوجه، خضيب الشيبة. وحين ازدحم القوم على رحل أخيها ومناديهم ينادي: أحرقوا بيوت الظالمين. وحين أحرق القوم الخيام وفرت النساء والأطفال على وجوههم في البيداء.
ولما أركبوها النياق المهزولة هي والعيال والأطفال. ومداراتها زين العابدين (عليه السلام)، وهو من شدة مرضه لا يطيق الركوب، وقد قيدوه من تحت بطن الناقة.
وهناك مصائب أخر، أشدها أنها كانت تنظر إلى قتلة أخيها وأصحابه وهم يسرحون ويمرحون، والسياط بأيديهم يضربون الأطفال والنساء وهم في غاية الشماتة بها وبأهل بيتها.
وبالجملة فإن مصائب هذه الحرة الطاهرة زادت على مصائب أخيها الحسين الشهيد (عليه السلام) أضعافاً مضاعفة، فإنها شاركته في جميع مصائبه، وانفردت (عليها السلام) بالمصائب التي رأتها بعد قتله، من النهب والسلب والضرب وحرق الخيام والأسر وشماتة الأعداء.
أما القتل، فإن الحسين (عليه السلام) قتل ومضى شهيداً إلى روح وريحان وجنة ورضوان، وكانت زينب في كل لحظة من لحظاتها تقتل قتلاً معنوياً بين أولئك الظالمين، وتذري دماء القلب من جفونها القريحة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) زينب الكبرى، الشيخ جعفر النقدي، المتوفّى سنة 1370هـ - ص17.
(2) ناسخ التواريخ، الكتاب الخاص بحياة السيدة زينب.
(3) هذا ما جاء في كتاب لسان العرب.
(4) السبط بن الجوزي في كتاب التذكرة.
(5) تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي، ص175.
(6) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب المتوفى عام 588هـ، ج3، ص 305.
(7) تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي، ص189.
(Cool تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي، ص189.
(9) الشرف المؤبد للنبهاني، ص51.
(10) الشرف المؤبد للنبهاني، ص53.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turaibel.mam9.com
 
زينب عليها السلام جبل الصبر وصرخة الحق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قرية الطريبيل :: الاقـسـام الاسـلامـيـة :: منتدى أهل البيت عليهم السلام :: منتدى عقيلة الطالبين زينب عليها السلام-
انتقل الى: