الإدارة عضو ذهبي ممتاز
الجنس : عدد الرسائل : 6362 تاريخ التسجيل : 08/05/2008
| موضوع: شجاعة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الخميس فبراير 14, 2013 5:47 am | |
| شجاعة الإمام الحسين ( عليه السلام ) لم يشاهد الناس في جميع مراحل التاريخ أشجع ، ولا أربَطُ جأشاً ، ولا أقوى جناناً من الإمام الحسين ( عليه السلام ) . فقد وقف ( عليه السلام ) يوم الطف موقفاً حيَّر فيه الألباب ، وأذهل فيه العقول ، وأخذت الأجيال تتحدثُ بإعجاب وإكبارٍ عَن بَسَالَتِه ، وصَلابة عَزمه ( عليه السلام ) ، وقد بُهِر أعداؤه الجبناء بِقوَّة بَأسه . فإنَّه ( عليه السلام ) لم يضعف أمام تلك النكبات المذهلة التي أخذت تتواكب عليه ، وكان يزداد انطلاقاً وبشراً كلما ازاداد الموقف بلاءً ومحنة . فإنَّه ( عليه السلام ) بعد ما فقد أصحابه وأهل بيته ( عليهم السلام ) زحف عليه الجيش بأسره ، وكان عدده – فيما يقول الرواة – ثلاثين ألفاً . فحمل عليهم وَحدهُ وقد مَلَك الخَوفُ والرُعب قلوبهم ، فكانوا ينهزمون أمامَه كالمعزى إذا شَدَّ عليها الذئب – على حَدِّ تعبير الرواة – . وبقي ( عليه السلام ) صامداً كالجبل ، يتلقى الطعنَات من كل جانب ، ولم يُوهَ له ركن ، وإنما مضى في أمره استِبْسَالاً واستخفافاً بالمنية . وقال أحد شعراء أهل البيت ( عليهم السلام ) : فَتلقَّى الجُموعَ فرداً وَلكنْ كُل عُضوٌ في الرَّوعِ منه جُموعُ رُمحُه مِن بنَانِه ، وَكأنَّ من عَزمِهِ حَدُّ سَيفِه مَطبوعُ زَوَّجَ السَّيفَ بالنفوسِ وَلكنْ مَهرُها المَوتُ وَالخِضَابُ النَّجِيعُ ولما سقط ( عليه السلام ) على الأرض جريحاً وقد أعياه نزف الدماء تحامى الجيش بأسره من الإجهاز عليه رعباً وخوفاً منه ( عليه السلام ) . وقد صوَّر الشاعر ذلك المشهد بقوله : عَفيراً مَتى عَايَنَتْهُ الكُمَاة يَختَطِفُ الرُّعبُ أَلوَانَها فَما أجلَت الحَربُ عَن مِثلِهِ صَريعاً يُجَبِّنُ شُجعَانَها وتغذى أهل بيته وأصحابه ( عليهم السلام ) بهذه الروح العظيمة ، فتسابقوا إلى الموت بشوقٍ وإخلاص ، لم يختلجْ في قلوبِهم رُعب ولا خوف ، وقد شَهدَ لهم عَدوُّهُم بالبَسَالة ورباطة الجأش . فقد قيل لرجل شَهدَ يوم الطفِّ مع عمر بن سعد : وَيحك ، أقَتَلتُم ذُرِّيَّة رَسولِ الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟!! فاندفع قائلاً : عَضَضْت بالجندل ، إنك لو شهدتَ ما شهدنا لَفعلتَ ما فعلنا ، ثارت علينا عِصابةٌ ، أيديها في مَقابِض سيوفِها كالأُسُود الضارِية ، تحطم الفرسان يميناً وشمالاً ، وتُلقي أنفسَها على الموت ، لا تقبلُ الأمانَ ، ولا تَرغبُ في المال ، ولا يحولُ حائِلٌ بينها وبين الوُرودِ على حِياضِ المَنِيَّة ، والاستيلاءِ على المُلك ، فَلَو كَفَفْنَا عنها رُوَيداً لأتَتْ على نفوس العسكر بِحذافيرِه ، فَما كُنَّا فاعِلين ؟!! لا أُمَّ لَك !! . ووصف أحد الشعراء هذه البسالة النادرة بقوله : فَلو وَقَفَتْ صُمُّ الجبال مَكانَهم لَمادَتْ عَلى سَهلٍ وَدَكَّت على وَعرِ فَمِن قائمٍ يَستعرضُ النَّبلَ وجهُهُ وَمِن مُقدِمٍ يَرمي الأَسِنَّة بِالصَّدرِ وما أروع قول السيد حيدر الحلي : دَكُّوا رُبَاها ثُم قالوا لَها – وَقد جَثَوا – : نَحنُ مَكانَ الرُّبَا فقد تحدَّى أبو الأحرار ( عليه السلام ) ببسالته النادرة الطبيعةَ البشرية ، فَسخَر من الموت ، وهَزأ مِن الحياة . وقد قال ( عليه السلام ) لأصحابه حينما رأى سهام الأعداء تُمطِر عليهم : ( قُومُوا رَحِمَكُمُ اللهُ إلى المَوتِ الذي لا بُدَّ منه ، فإنَّ هذه السِّهام رُسُل القَومِ إِليكُم ) . فنرى أنه ( عليه السلام ) قد دعا أصحابه إلى الموت كأنما هو يدعوهم إلى مأدبة لذيذة ، وقد كانت لذيذة عنده حقاً ، لأنه ( عليه السلام ) ينازل الباطل ، ويرتسم له بُرهَان رَبِّه الذي هو مَبدؤهُ ( عليه السلام ) .
| |
|