الإدارة عضو ذهبي ممتاز
الجنس : عدد الرسائل : 6362 تاريخ التسجيل : 08/05/2008
| موضوع: إرجاع الإمام الخميس فبراير 14, 2013 3:30 pm | |
|
إرجاع الإمام وبلغ المأمون ذلك. فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلّى على هذا السبيل أفتتن به الناس، وخفنا كلّنا على دمائنا فأنفذ إليه أن يرجع. فأنفذ المأمون إليه: قد كلفناك شططاً، وأتعبناك، ولسنا نحب أن تلحقك مشقة، فارجع، وليصل بالناس من كان يصلّي بهم على رسمه. فدعا أبو الحسن بخفه فلبسه (عليه السلام) وركب ورجع واختلف أمر الناس في ذلك اليوم ولم تنتظم صلاتهم (1). الإمام في رحاب الله بعد أن علا نجم الإمام في سماء العاصمة الإسلامية وبان للناس من خلال المناظرات والمحاورات أنّ هذا الرجل هو الجدير بالمركز النبوي العظيم وأنّ غيره معتد وغاصب لحقّه. كانت كل هذه الشائعات تصل للمأمون فيغصّ في ريقه ويقضّ مضجعه وهو إنّما جاء بالإمام ليضيّق عليه الخناق ويمنع ذكره من الانتشار وإذا به كالطيب كيف وضعته تضوّع ريحه. لهذا فكر هو وجلاوزته الذين يعصون الله في إطاعة مخلوق كيف يتخلّصون من الإمام وهو ولي العهد. هل يقتلونه عمداً جهاراً فلا يستطيعون، فدبروا له حيلة الحمام التي قتل فيها ذو الرئاستين فلم يذهب الإلحاح المتزايد من المأمون. لقد ضاق المأمون ذرعاً به لأنّه يريد أن يذهب إلى بغداد ويضمن للعباسيين بقاء حكمهم فكيف يضمن لهم والرضا حي يرزق؟ إذاً ما الحيلة في ذلك؟ وتضافرت الروايات في الكيفية التي ارتكبها المأمون في قتل الإمام الرضا (عليه السلام) فعن أبي الفرج والمفيد أنّه قتله بعصير الرمان والعنب المسمومين. فقد ذكر المفيد في الإرشاد عن عبد الله بن بشير أنّه قال: أمرني المأمون أن أطوّل أظفاري على العادة ولا أظهر ذلك لأحد، ففعلت ثم استدعاني فأخرج لي شيئاً يشبه التمر الهندي. فقال لي: اعجن هذا بيديك جميعاً. ففعلت.. ثم قام وتركني ودخل على الرضا وقال له ما خبرك؟ قال: أرجو أن أكون صالحاً. قال أنا بحمد الله أيضاً صالح فهل جاءك أحد من المترفقين في هذا اليوم. قال: لا. فغضب المأمون وصاح على غلمانه، ثم قال: فخذ ماء الرمان الساعة فإنّه ممّا لا يستغنى عنه. ثم دعاني فقال: ائتنا برمان فأتيته به. فقال لي: أعصر بيديك. ففعلت، وسقا المأمون الرضا بيده. وكان ذلك سبب وفاته فلم يلبث إلاّ يومين حتى مات. وذكر عن أبي الصلت الهروي أنّه قال: دخلت على الرضا وقد خرج المأمون من عنده. فقال لي: يا أبا الصلت قد فعلوها، وجعل يوحّد الله ويمجّده. وروي عن محمد بن الجهم أنّه قال: كان الرضا يعجبه العنب فأخذ له شيء فجعل في موضع أقماعه الإبر أياماً ثم نزع وجيء به إليه فأكل منه وهو في علّته التي ذكرنا فقتله وذكر إن ذلك كان من لطيف السموم. وعلى أية كيفية كان قتل الإمام فإنّ الذي يرجّح بنظرنا من ملاحظة النصوص والفهم للتاريخ وللظروف السياسية آنذاك أنّ المأمون هو الذي اغتال الإمام بالسمّ دون أن يخامرنا بذلك أي شكّ أو ريبة. وكانت وفاته بطوس في قرية يقال لها (سناباد) من رستاق تونان ودفن في دار حميد بن قحطبة في القبة التي فيها هارون الرشيد إلى جانبه ممّا يلي القبلة. ولما توفي الرضا لم يظهر المأمون موته في وقته وتركه يوماً وليلة ثم وجّه إلى محمد بن جعفر بن محمد وجماعة من آل أبي طالب فلما أحضرهم وأراهم إيّاه صحيح الجسد لا أثر فيه بكى. وقال: عزّ علىّ يا أخي أن أراك في هذه الحالة وقد كنت آمل أن أقدم قبلك فأبى الله إلاّ ما أراد وأظهر جزعاً شديداً وحزناً كثيراً وخرج مع جنازته يحملها حتى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن (2). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1- الإرشاد ص 313. 2- مقاتل الطالبيين ص 378.
| |
|