تحذيرهم من الفتن
كان عليه السلام يمارس دوره كقائد لمواليه واصحابه وراع لمصالحهم ومدافع عن قضاياهم في حدود فسحة ضيقة محكومة بالرقابة والضغط ، وعلي هذا الصعيد كان عليه السلام يحذرهم الاخطار والفتن المدحقة بهم ، ومن الوقوع في احابيل السلطة ، ويساعدهم في اخفاء نشاطهم بحسب الامكان ، ويهيء الجماعة الصالحة لغيبة ولده الحجة عليه السلام الذي يملا الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا.
وفي هذا الاتجاه اوصي اصحابه ان يكونوا علي اهبة من فتنة تظلهم عند موت المعتز (2).
وحذرهم من الاذاعة وطلب الرئاسة مشددا علي التقوي واداء الامانة ، فقد جاء في الرسالة له عليه السلام الي بعض بني اسباط : « اياك والاذاعة وطلب الرئاسة ، فانهما يدعوان الي الهلكة...واقرا من تثق به من موالي السلام ، ومرهم بتقوي الله العظيم واداء الامانة واعلمهم ان المذيع علينا حرب لنا » (3).
واكد علي الكتمان والحيطة حتي انه عليه السلام قال لاحد اصحابه : « اذا سمعت
--------------------
(1) راجع : اصول الكافي1 : 506/3و507/10 ـ باب مولد ابي محمد الحسن بن علي عليه السلام ـ من كتاب الحجة ، بحارالانوار50 : 294/69.
(2) كشف الغمة3 : 295 ، بحارالانوار50 : 298/72.
(3) كشف الغمة3 : 293 ، بحار النوار 50 : 296 ـ 297.
-----------------
لنا شاتما فامض لسبيلك التي امرت بها ، واياك ان تجاوب من يشتمنا ، او تعرفه من انت ، فاننا ببلد سوء ومصر سوء » (1).
وقال لاحد اصحابه حينما اراد ان يصرح بامامته عليه السلام : « انما هو الكتمان او القتل ، فاتق الله علي نفسك » ، وفي رواية : « فابقوا علي انفسكم » (2).
وبلغت درجة الحيطة لديه عليه السلام انه اوصي بعض اصحابه ان لايسلم عليه او يدنو منه ، فقد ترصده اصحابه يوما عند ركوبه الي دار الخلافة ليسلموا عليه ، فخرج التوقيع منه عليه السلام اليهم : « الا لايسلمن علي احد ، ولايشير الي بيده ، ولا يومئ ، فانكم لاتامنون علي انفسكم » (3).
ونادي عليه السلام يوما حمزة بن محمد بن احمد بن علي بن الحسين بن علي ، وقد اراد الاقتراب منه حينما خرج مع السلطان واحس منه خلوة : « لا تدن مني ، فان علي عيونا ، وانت ايضا خائف » (4).
من كتاب الإمام الحسن العسكري سيرة وتاريخ
علي موسي الكعبي