الطلب على السكن

علي عيسى الوباري * - 16 / 10 / 2009م - 9:59 ص

كنا قبل سنوات قليلة نشاهد مسلسلات المصرية وما يعانيه الشعب المصري الشقيق من أزمة سكنية تؤرقهم ناتجة عن عدم الحصول على وظيفة والبحث المضني على شقة حتى يتأهل اجتماعيا ويتزوج، نبتسم في داخلنا من أزمة شقق بمصر ونبرر ذلك بعدد السكان الكبير في مصر. ولم يخطر ببالنا على مستوى دول الخليج العربي أن نصل إلى هذه الأزمة بأسباب مختلفة وعلاجها يحتاج وصفات خاصة. لم يتوقع المواطن الخليجي وخصوصا السعودي ببروز هذه الأزمة، يصل فيها بعض الشباب بالحلم والتمني بتملك سكن مريح لائق، الشاب الذي تنازل عن مستوى امتلاك منزل مناسب نتيجة التضخم الهائل في قيمة الأراضي وتكلفة البناء بحيث هيأ البعض أنفسهم بأنهم سيتقاعدون من عملهم بدون الحصول على بيت. بالرغم من ظهور أرقام مختلفة في عدد السعوديين المتقاعدين المالكين للمنازل التي تعتبر رواتبهم مرتفعة نسبيا مقارنة برواتب متدنية لموظفين حاليين بل بعضهم يجد صعوبة في استئجار شقة ملائمة يهنا بها. هل سيبقى ضحية الطمع في رفع أسعار الأراضي الذي وصل إلى أرقام خيالية وغير مقبولة في قرى ومدن عادية. راتب موظف لا يتجاوز 3000 ريال يضطر إلى استئجار شقة بسعر 12000 إلى 14000 ريال يعني يخصص 35% من راتبه السنوي.
تكلفة البناء محليا وصلت إلى أرقام قياسية حيث تكلف أكثر من 75% من حجم دخل الفرد، في حين بالمستويات العالمية تكلف 30% من حجم دخل الفرد، في ظل زيادة مضطردة للأسعار وعدم وجود آليات جديدة لحل جزئي لأزمة السكن وغياب القطاع الخاص من الاستثمار الفعال في العقار، أيضا تعدد متطلبات معيشية نتيجة واقع الحياة، يتلاشى حلم امتلاك بيت لائق لرب أسرة يكلل عمره الوظيفي ببشارة لأبنائه. وصل التضخم العقاري 11% وارتفعت إيجارات بنسبة 23% وهذا أمر غير طبيعي أن يكون بهذه الزيادة، أن يصل المتر المربع 500 إلى 1000 ريال في بعض القرى أو في الضواحي. السكن مطلب اقتصادي قبل ان يكون ضرورة اجتماعية، الارتفاع الهائل في الإيجارات وتكلفة البناء، لم نتوقع أن تصل الأمور إلى هذه الحد من صعوبة السكن استئجارا وتملكا. التضخم في الأسعار بمواد البناء، أيضا الأزمة المالية العالمية التي صعبت مشكلة السكن وتكليف الأسرة أكثر من دخلها وأصبحت تحت متطلبات أولويات المعيشة. كل سنة يزداد الطلب على السكن، أي إن هناك فجوة كبيرة بين الطلب والعرض قدرها احد الخبراء المتخصصين بالعقار بالحاجة إلى 4 مليون وحدة سكنية في العشرين السنة القادمة في حين سيكون المعروض منها مليون وثلاثمائة ألف وحدة أي بفجوة نسبتها 67% بن العرض والطلب وهذه نسبة كبيرة تحتاج إلى تخطيط بعيد المدى. مع أن صندوق التنمية العقاري أنشأ من مدة طويل تزيد على أكثر من 35 سنة الا انه لم يفي بالغرض للطلب الكبير على البناء وكثافة سكانية كبيرة، والتغيير الاجتماعي والأسري الذي احدث نقلة في التفكير بالسكن المستقل والمنفصل عن الأهل هذه الظاهرة انتشرت حتى في والقرى والأرياف، أيضا حجم الأسرة السعودية كبيرا نسبيا مما شكل ضغط مفاجئا على الطلب السكني.

الاستقرار الأسري الذي يعتمد بشكل كبير على السكن المريح وعدم تهديد المؤجر بين فترة وأخرى برفع الإيجار أو الخروج، بدون شك يؤثر على إنتاجية المواطن ويجعله أسير الهم السكني وتحت ضغط توفير معيشة لائقة لأسرته. ما زلنا نبحث عن حلول ناجعة في مشكلة وطنية من أهم المعضلات الاجتماعية، بطرح المساكن الشعبية إلى العمل على سن قوانين وأنظمة للرهن العقاري، والطلب يزيد على السكن والناس تعيش في دائرة الدوامة السكنية من غلاء أراضي وندرتها في المناطق المطلوبة إلى غلاء مواد بناء نتج عنها استغلال الملاك في رفع الإيجار إلى بنسب عالية، مع غلاء معيشة ورواتب متدنية وزواجات مبكرة، النتيجة تتزايد المشكلة ويكثر الحديث عن الازمة السكنية التي باتت تؤرق رب الأسرة والأبناء بسبب الصعوبة في امتلاك سكن مناسب، مطلوب حلول إستراتجية لمواجهة زيادة الطلب وإيجاد طرق تمويلية واستثمارية تبسط تملك المنازل، هناك مجال كبير بسوق العقار المحلي المقدر الاستثمار فيه بمبلغ 75 مليار ريال سنويا.